و قبل ذكر الاخبار التى تدل على حجيه التقيه، نذكر امراً هاماً و هى انه قد ذكر لتقيه اسماء و صفات مختلفه فى لسان الاخبار، التى تنبئى عن آتارها و بركاتها الفرديه و الاجتماغيه فى كل الحقول و ميادين العمل، من الثقافه و السياسيه و حسن المعاشره و الجهاد و غير ذالك، و كلها تشترك فى معنى واحد و ملاك عام و هو: لزوم اخغات العقيده و اظهار خلافها لمصلحه اهم من الاظهار فى موارد دار الامر بين ترك الاهم و المهم فى المقام الامتثال، و بعض هذه الاسماء و الصفات هى:
التقيه دين، التقيه جنه، التقيه ترس، التقيه صون، التقيه شعار و دثار، التقيه خباء، التقيه حجاب، التقيه مداراه، التقيه كتمان الامر، التقيه ضروره، التقيه حزم، التقيه اصلاح، التقيه ميزان المعرفه، التقيه مجامله، التقيه تقوى، التقيه نومه، التقيه من اشرف خصال الكرم، التقيه اكمل خصال الخير، التقيه جلب موده الناس، التقيه حفظ اللسان، التقيه عدم الاذاعه، التقيه حصن الحصين، التقيه عز، التقيه قره العين، التقيه ادب الهى، التقيه سنن الانيباء التقيه سد، التقيه ردم، التقيه حرز، التقيه اضطرار، التقيه ميزان المعرفه، التقيه عباده سريه، التقيه مماسحه، التقيه مداهنه الاعداء، التقيه صبر، التقيه خير، التقيه حسنه، التقيه رفعه، التقيه سعه، التقيه توريه، التقيه صدقه، التقيه افضل الاعمال، التقيه نور، التقيه شيمه الافاضل، التقيه وقايه الدين، ترك التقيه من الموبقات، اشرف اخلاق الائمه و ...
و دلاله الاخبار الذى يطرح فيها موضوع التقيه مع ذاك الاسماء و الصفات على جواز التقيه اجمالاً معلوم و لااقل من اطمينان ذالك، بل ادعى بعض تواترها معناً، على ان فى بينها روايات معتبره و بعضها هى: الصحيحه معلى ابن خنيس قال: لى ابوعبداللَّه (ع) يا معلى اكتم امرنا (الى ان قال) يا معلى ان التقيه دينى و دين ابايى ولادين لمن لاتقيه له. (13) موثقه هشام ابن سالم، قال ما عبداللَّه بشيئى احب من الخباء (14) و صحيحه عبداللَّه ابن ابى يعفور عن ابى عبداللَّه (ع) اتقوا عن دينكم و احجبوه بالتقيه، فانه لاايمان لمن لاتقيه له، انما انتم فى الناس كاالنحل فى الطير، ولو ان الطير يعلم ما فى اجواف النحل ما بقى منها شيئى الا اكلته و لو ان الناس علموا ما فى اجوافكم انكم تحبونا اهل البيت لاكلوكم بالسنتهم و لنحلوكم فى السرو العلانيه، رحم اللَّه عبداً منكم كان على ولايتنا (15) . و صحيحه ابى الصباح قال: واللَّه لقد قال لى جعفر ابن محمد (ع) ما صنعتم من شيئى او حلفتم عليه من يمين فى التقيه فانتم منه فى السعه (16) . بناء على انه ابوالصباح الكنانى و ان سيف بن عمير الواقع فى سندها لم يثبت كونه واقفياً و الا فعلى ما حكى عن بعضهم من كونه واقفياً فالزوايه موثقه لاصحيحه.
منها ما رواه الكلينى عن ابى عبداللَّه (ع) قال: كان ابى يقول: و اى شئى اقر لعينى من التقيه، ان التقيه جنه المومن (17). وايضا مارواه الكافى عن ابن ابى يعفور قال: سمعت ابا عبداللَّه (ع) يقول: التقيه ترس المومن و التقيه حرز
المومن (18). و ايضا ما رواه الكافى عن ابى عبداللَّه (ع) قال التقيه ترس اللَّه بينه و بين خلقه (19). هذه الروايات باجمعها داله على جواز التقيه بل على وجوبها فى موارد الخوف و الاضطرار، فكما ان الاستتار بالجنه و ما اشبهها واجب فى موارده، فكذالك الاستتار بالتقيه واجب فى مواردها(20). و فى طائفه اخرى من الاخبار قد عداتقيه من الدين و لادين لمن لاتقيه له. منها ما فى تحف عن على ابن ابيطالب (ع) قال: التقيه دينى و دين اهل بيتى (21). و منها ما عن الحسن البصرى قال سمعت علياً (ع) يقول يوم قتل عثمان: قال رسول اللَّه (ص) قال سمعته يقول: ان التقيه من دين اللَّه و لا دين لمن لا تقيه له (22). منها عن ابى جعفر (ع) قال فى حديث: ان ابى رضوان اللَّه عليه كان يقول: من دينى و دين ابايى و لادين لمن لاتقيه له (23).
و منها ما عن الصادق (ع) انه قال: لادين لمن لاتقيه له و ان التقيه لاوسع ما بين السماء و الارض (24). و طائفه اخرى من الروايات تدل ان التقيه لاتختص با المسلمين، بل انبياء السلف اعملوا باالتقيه ايضاً مثل ما رواه الكلينى عن ابى بصير قال قال ابو عبداللَّه (ع) التقيه دين اللَّه عزوجل، قلت: من دين اللَّه، قال: فقال اى واللَّه من دين اللَّه لقد قال يوسف: ايتها العير انكم لسارقون واللَّه ما كانوا سرقوا شيئاً (25). و ما رواه الكلينى عن ابى بصير فى روايه اخرى ايضاً قال: قال ابو عبداللَّه (ع) التقيه من دين اللَّه ثم روى نحو الروايه السابقه ثم زاد قوله: و لقد قال ابراهيم (ع) انى سقيم واللَّه ما كان سقيماً (26).
و ما قاله الحسن ابن على (ع) قال، قال رسول اللَّه (ص): ان الانبياء انما فضلهم اللَّه على خلقه بشده مداراتهم لاعداء دين اللَّه و حسن تقيتهم لاجل اخوانهم فى اللَّه(27). مضافاً الى ذالك، الاعتبار العقلى يوكدها، اذ لابغيه للدين ولا هم لشارعه الا ظهور الحق و حياته و ربما يترتب على التقيه و المجارات مع اعداء الدين و مخالقى الحق من حفظ مصلحه الدين و حياه الحق ما لايترتب على تركها، لان العقل السليم يحكم فطرياً بانه عند وقوع التزاحم بين الوظيفه الفرديه مع شوكه الاسلام و عزته او وقوع التزاحم بين حفظ النفس و بين واجب او محرم اخر، باالسقوط الوظيفه الفرديه او تقديم الاهم على المهم، فليست التقيه الا ذالك.
و بعباره اخرى قد يكون المجتمع خاضعاً لضغط سياسى او عسكرى يتمثل فى سيطره وضع معين او فئه معينه على البلد، بالمستوى الذى لاتكون معارضته او الدخول معه فى معركه التحديدات، امراً عملياً بالنظر الى القوه المتعاظمه التى يملكها، بازاء القوه الضعيفه التى يملكها العالمون او العمل بل ربما تتحول المعركه معه بدون الحصول اى ربح. للحاضر او المستقبل للاسلام او المسلين بال قد تتحمل نتائج سلبيه، و فى هذا الجو لابد للعالمين من ان يتفهموا الواقع و لانجد اى مانع شرعى من مداره هذالقوى باالكلمه الطيبه او باالاسلوب الحميم او باالتعاون فى العمل الذى قد ينتفع ولايضر باحد، و هذا هو الذى يطلق عليها الشيعه الاماميه كلمه " التقيه " التى تتمثل بااسلوب العملى الذى يواجه به الانسان حالات الخطر على حياته و على دينه، فينكر بعض ما يعتقده او يصرح باعتقاد ماينكره او يعمل بعض الاعمال التى لاتنسجم مع خط الحكم الشرعى الذى يومن به.
و باالجمله ان مشروعيه التقيه فى الجمله ثابته بالكتاب و السنه و العقل و لهذا كانت التقيه عبر القرون الماضيه شعاراً لال البيت (ع) و اتباعهم دفعاً لضرر عنهم و عن اتباعهم و حقناً لدمائهم و استصلاحاً لحال المسلمين و جمعاً لشعثهم و ما زالت سمه تعرف بها الاماميه دون غيرها من الطوائف الاسلاميه و ان اعترف بعض علماء العامه بمشروعيتها فى عده مواضع و قبل اخوض فى المسئله و بيان موارها و احكامها، نشير الى نظرات بعض علماء السنه حول مشروعيه التقيه لان نثبت على هولاء الذين هجموا على الشيعه لاعتقادهم بالتقيه و اخذوها و هناً على الشيعه، ان الاعتقاد بالتقيه لاتختص بالشيعه بل سائر المذاهب الاسلاميه يعتقدونها اجمالاً و اليك نص بعض هذه النظرات.