2602/ 27- أقول: وجدت في بعض مؤلّفات أصحابنا: أنّه روي مرسلاً عن جماعة من الصّحابة، قالوا:
دخل النبيُّ صلى الله عليه و آله دار فاطمة عليهاالسلام فقال: يا فاطمة! إنَّ أباك اليوم ضيفك.
فقالت عليهاالسلام: يا أبه! إنَّ الحسن والحسين عليهماالسلام يطالباني بشي ء من الزادّ، فلم أجد لهما شيئاً يقتاتان به.
ثمّ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه و آله دخل و جلس مع عليّ والحسن والحسين و فاطمة عليهم السلام، و فاطمة عليهاالسلام متحيّرة ما تدري كيف تصنع؟
ثمّ إنَّ النبيّ صلى الله عليه و آله نظر إلى السماء ساعة، و إذا بجبرئيل عليه السلام قد نزل، و قال:
يا محمّد! العليُّ الأعلى يقرئك السّلام، و يخصّك بالتحيّة والإكرام، و يقول لك: قل لعليّ و فاطمة والحسن والحسين: أيَّ شي ء يشتهون من فواكه الجنّة؟
فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: يا عليُّ! و يا فاطمة! و يا حسن! و يا حسين! إنَّ ربَّ العزَّة علم أنّكم جياع، فأيَّ شي ء تشتهون من فواكه الجنّة؟
فأمسكوا عن الكلام، ولم يردّوا جواباً حياء من النبيِّ صلى الله عليه و آله.
فقال الحسين عليه السلام: عن إذنك يا أباه يا أميرالمؤمنين! و عن إذنك يا اُمّاه ياسيّدة نساءالعالمين! و عن إذنك يا أخاه الحسن الزكيَّ! أختار لكم شيئاً من فواكه الجنّة؟
فقالوا جميعاً: قل: يا حسين! ما شئت، فقد رضينا بما تختاره لنا.
فقال: يا رسول اللَّه! قل لجبرئيل: إنّا نشتهي رطباً جنيّاً.
فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: قد علم اللَّه ذلك.
ثمّ قال: يا فاطمة! قومي وادخلي البيت واحضري إلينا ما فيه.
فدخلت فرأت فيه طبقاً من البلّور، مغطّى بمنديل من السندس الأخضر، و فيه رطب جنيٌّ في غير أوانه.
فقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: يا فاطمة! أنّى لك هذا؟ قالت: هو من عنداللَّه إنَّ اللَّه يرزق من يشاء بغير حساب، كما قالت مريم بنت عمران.
فقام النبيُّ صلى الله عليه و آله و تناوله و قدَّمه بين أيديهم، ثمّ قال: بسم اللَّه الرَّحمن الرَّحيم.
ثمّ أخذ رطبة واحدة، فوضعها في فم الحسين عليه السلام، فقال: هنيئاً مريئاً لك يا حسين!
ثمّ أخذ رطبة، فوضعها في فم الحسن عليه السلام و قال: هنيئاً مريئاً يا حسن!
ثمّ أخذ رطبة ثالثة، فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليهاالسلام و قال لها: هنيئاً مريئاً لك يا فاطمة الزَّهراء!
ثمّ أخذ رطبة رابعة، فوضعها في فم عليّ عليه السلام و قال: هنيئاً مريئاً لك يا عليُّ!
ثمّ ناول عليّاً عليه السلام رطبة اُخرى، والنبيُّ صلى الله عليه و آله يقول له: هنيئاً مريئاً يا عليُّ!
ثمّ وثب النبيُّ صلى الله عليه و آله قائماً، ثمّ جلس ثمّ أكلوا جميعاً عن ذلك الرطب، فلمّا اكتفوا وشبعوا ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن اللَّه تعالى.
فقالت فاطمة عليهاالسلام: يا أبه! لقد رأيت اليوم منك عجباً.
فقال: يا فاطمة! أمّا الرُّطبة الاُولى الّتي وضعتها في فم الحسين، و قلت له: هنيئاً يا حسين! فإنّي سمعت ميكائيل و إسرافيل يقولان: هنيئاً لك يا حسين؛
فقلت أيضاً موافقاً لهما في القول.
ثمّ أخذت الثانية، فوضعتها في فم الحسن، فسمعت جبرئيل و ميكائيل يقولان: هنيئاً لك يا حسن؛
فقلت: أنا موافقاً لهما في القول.
ثمّ أخذت الثالثة، فوضعتها في فمك يا فاطمة، فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان، و هنّ يقلن: هنيئاً لك يا فاطمة؛
فقلت موافقاً لهنّ بالقول.
و لمّا أخذت الرّابعة، فوضعتها في فم عليّ عليه السلام سمعت النداء من (قبل)الحقّ سبحانه و تعالى يقول: هنيئاً مريئاً لك يا عليُّ.
فقلت موافقاً لقول اللَّه عزَّ و جلَّ.
ثمّ ناولت عليّاً رطبة اُخرى، ثمّ اُخرى و أنا أسمع صوت الحقِّ سبحانه و تعالى يقول: هنيئاً مريئاً لك يا عليُّ.
ثمّ قمت إجلالاً لربِّ العزِّة جلَّ جلاله، فسمعته يقول: يا محمّد! و عزَّتي وجلالي؛ لو ناولت عليّاً من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت له: هنيئاً مريئاً بغير انقطاع.
البحار: 43/ 310- 312، مسند فاطمة الزهراء عليهاالسلام: 88.