عن إدراك مجدكم؛ وكيف تدرك عين الشمس أبصار الخفافيش؟ ومعذور من أنكر غامض سرّكم؛ وخفي أمركم؛ وباهر نوركم؛ لأنّ الناظر في صحائف مجدكم، حجبهم النظر إلى الظاهر عن إدراك السرائر؛ وصدّهم عن المعنى الشاهد زخرف الشاهد، فطوفوا بقصور المغنى؛ قصوراً عن المعنى فكانوا كما قيل:
فهم كالمنجّم الذي نقل أحكام النجوم من علماء الهيئة؛ فهو يحدث الناس بما وعاه ولا يعقل ما رواه؛ ممّا يحجبه النور عنه وواراه؛ وصغره البعد في عينه وزواه؛ فإذا قيل له: إن الأرض بأسرها غائصة تحت الماء؛ وإن الخارج منها إنّما هو ربع الكرة؛ ومنه المدن والقرى والأقاليم السبعة؛ والبراري والقفار؛ والبحار والجبال، والخراب والعمران؛ وإنّما المسكون جزء من هذا الربع؛ وذلك لأن مشرق الشمس الذي هو تحت سهيل، فإنّ الشمس لا تغيب هناك إلّا ستة أشهر والباقي نهار، وليس هناك نبات ولا حيوان؛ إلّا صخور محترقة من حرّ الشمس. وبعد الشمس عن الأرض هناك مائة ألف فرسخ وأربعة وعشرون ألف فرسخ، وكذا ما يقابله تحت الجدي من ناحية المغرب فإنّ الزمان هناك ليل إلّا قليل ترى فيه الشمس عند صعودها في برج السرطان، وهناك لا حيوان ولا نبات وتلك هي بلاد الظلمات، وهذه الأرض أكثرها جبال وصخور وغيرهما، ثم إن الأرض بأسرها؛ من مشرقها إلى مغربها؛ بر وبحر في ضمن فلك القمر كالخردلة في البر؛ وإن رقعة القمر بقدر مجموع الأرض 33 مرة؛ ولذلك يراه الإنسان أين كان، وإن فلك القمر بالنسبة إلى فلك الشمس الذي هو تحت السلطنة كالقطرة في البحر، ثم إن السَّموَات والأرض كالحلقة في الفلاة، وإن الفرس الجواد إذا كان في أشد الطرد فإنّه بقدر ما يضع حافره على الأرض ويرفعه تسير الشمس خمسمائة فرسخ
يقول علم الفلك الحديث ان الشمس ثابتة، والأرض هي المتحرّكة.