وإذا وجب شكر أبوي الولادة والشهوة والطبع وجب بطريق الأولى شكر أبوي الإيجاد والهداية والعقل والشرع، فويل للمنكرين لفضلهم، الجاحدين لنعمتهم، المكذّبين بعلوّ درجتهم إذا جاؤوا إلى حوضهم غداً ليردوه، وكيف يردوه وقد أنكروا أمرهم وردوه ؟
وإلى هذه المقامة أشار ابن طاوس فقال: اشكر لمن لولاهم لما خُلقت، فهم "صلّى اللَّه عليهم" مشكاة الأنوار الإلهية، وحجاب أسرار الربوبية ولسان اللَّه الناطق في البرية، والكلمة التي ظهرت عنها المشية وصفات الذات المنزّهة عن الأينية والكيفية، فمن صلّى عليهم فقد سبّح اللَّه وقدّسه، لأن في ذكر الصفات تنزيه الذات، وهم جمال الصفات المنزّهة التي تجلّى فيها جلال الذات المقدّسة، وإليه الإشارة بقوله: بالكلمة تجلّى الصانع للعقول، وبها احتجب عن العيون:
وتصحيح هذه الدلايل قد صرّح بذكره القرآن فمنه قوله سبحانه: 'وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ '
التوبة: 59.