قال: معناه شرحناه شرحاً بيّناً بحساب الجمل فهم من فهم وهذا هو العلم الذي أسرّه اللَّه إلى نبيّه ليلة المعراج وجعله عند أمير المؤمنين عليه السلام في عقبه إلى آخر الدهر وهي '8' كلمات و'28' حرفاً وكل حرف منها يتضمّن اسم محمد وعلي ظاهراً وباطناً يخرجه من له وقوف على أسرار علم الحروف وأعدادها.
وبهذه الحروف نزل القرآن، وهي ترجمان ذات الرب سبحانه، والقرآن له ظاهر وباطن، ومعانيه منحصرة في أربعة أقسام، وهي أربعة أحرف وعنها ظهر باقي الكلام وهي "ا ل ل ه" والألف واللام منه آلة التعريف، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنّها منه وله، وإذا أخذ منه الألف بقي للَّه، وللَّه كل شي ء. وإذا أخذ منه ل بقى إله وهو إله كل شي ء، وإذا اخذ منه ألف واللام بقي له وله كل شي ء، وإذا أخذ منه الألف واللامان بقي هو، وهو هو وحده لا شريك له، والعارفون يشهدون من الألف ويهيمون من اللام ويصلون من الها .
والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهوية التي لا شي ء قبلها ولا بعدها، وله الروح واللام وسطاً، وهو إشارة إلى أن الخلق منه وبه وإليه وعنه، وله العقل. وهو الأوّل والآخر، وذلك لأنّ الألف صورة واحدة في الخط وفي الهجاء. فالعدد إما زوج أو فرد ضرورة فهذه ثلاثة، وهي في الضرب تسعة، وهي العدد المكتوم، والثلاثة هي مواد سائر الأعداد وموضوعاتها، والتسعة هي العدد الطيار كما مرَّ المنقسم بالأفراد وفيها مجمع الأزواج والأفراد وحرفها الطاء، وهي الحرف الاكال وإذا اُعيد إلى التسعة الزوج ا لا ل ظهر الاسم الخفي والسرّ الذاتي وهو "ه و و ه و ه و" به سائر الموجودات، فظهرت الهاء الخفية وأصلها الضمة وهي الواو وإذا ضربت "11" في الهاء وهي خمسة كان العدد خمسة وخمسين فظهر اسمه تعالى م ج ي ب، ولما كان أصل الهاء الضمة وهو الواو ولها الجهات الستة وإذا ضربت الستة في "11" كان العدد"66" وهو الاسم المقدّس اللَّه جل جلاله وهو اسم الذات وصفة الصفات، وموضوع الأسماء؛ وإذا ضربت ستة وستون في ستة كان العدد ثلاثمائة وستة وتسعين، وإذا ضربت ستة وستون في إحدى عشر كان العدد سبعمائة وستة وعشرين، وإن ضربت ست وستون في خمسة كان العدد ثلثمائة وثلاثين، ومنبع الأسرار الهاء المضمومة التي هي قيوم الحروف والطبيعة الخامسة الفعالة والهاء باطن كل موجود وحقيقة كل شهود، فإذا قدح زناد الهاء بصوان الألف خرجت الطاء الاكالة، وإذا ضربت الهاء في نفسها كان العدد خمساً وعشرين، فهي لا تظهر إلّا نفسها لأنّ خمسة وعشرين خمس خمسات، وإذا ضربت خمس وعشرون في نفسها كان العدد ستمائة وخمساً وعشرين، والهاء من حروف المريخ، ومن عرف كيف النطق بها أهلك عدوّه ولكن ذاك مودع في الصدور لا في السطور، ونَطقها على سبيل الرمز هايابيل أو هو يا هو يا مذل يا منتقم يا فعال أنت هو.
"1" اعلم أن الاسم إما مشتق، أو علم، أو إشارة؛ والاسم المشتق كلّي لا يمنع من وقوع الشركة فيه، والاسم العلم قائم مقام الإشارة فهو فرع عليها، والإشارة أصل والأصل أعظم من الفرع، فقولك: هو أشرف الأسماء كلّها يعني:
"2" أن الحق سبحانه فرد مجرّد لا يمكن نعته بصفة زايدة وإلّا لانتفت الفردانية، والإخبار عنه بعين ذاته محال، فجميع الأسماء المشتقة قاصرة عن الإنباء عن ذاته المقدّسة. وأما لفظ هو فإنه ينبى ء عن كنه حقيقته المخصوصة المبرأ عن جميع جهات الكثرة، فاسم هو لوصوله إلى كنه الصمدية أشرف الأسماء .
"3" أن الصفات المشتقة لا تعرف إلّا دالة على الصفات، والصفات لا تعرف إلّا بالإضافة إلى المخلوقات، وأما لفظ هو فإنّه يدل عليه من حيث هو هو، وهذا الاسم يوصل إلى الحق ويقطع عن الخلق.
"4" أن الأسماء المشتقة دالّة على الصفات، ولفظ هو دال على الموصوف، والموصوف أشرف من الصفة، وذلك لأن ذات الباري سبحانه ما كملت بالصفات بل هي لغاية الكمال استلزمت صفات الكمال ؛ فلفظ هو يوصل إلى ينبوع العزّة .
"5" أن لفظ هو مركّب من حرفين "ه و" والهاء أصل الواو فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق سبحانه.
"6" أن الهاء أوّل المخارج والواو آخرها فهو الأوّل والآخر، والهاء باطن المخارج وباطن الأشياء والواو ظاهر سائر المخارج فهو الأوّل والآخر والباطن والظاهر.
"7" أن هذا الحرف الذي وضع لتعريف ذات الحق غير معلوم بالحقيقة، وذات الحق أولى بالتنزيه عن الكيفية، فمنه إليك قوله هو ومنك إليه قولك هو.
وحروف الجلالة لها أربع مراتب: الذات، والعقل، والنفس، والروح؛ ولها أربع ملائكة: جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل؛ وهي منزلة على أربعة أنبياء: إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام، ومحمّد صلى الله عليه و آله و سلم ؛ وهي تتم بأربع حقائق: الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد؛ وهي منزلة في أربع كتب: المصحف، والتوراة، والزبور، والفرقان، فالمصحف صورة القلب، وهي الألف الأوّل، والتوراة صورة العقل، وهي اللام الاُولى، والإنجيل صورة الروح، وهي اللام الثانية، والفرقان صورة النفس وصورة الحق في عالم الظاهر والباطن، وحرفها الهاء.
واعلم أن الفيض الأوّل عن حضرة الأحدية هي النقطة الواحدة، وعنها ظهر ألف الغيب "القلب خ ل" وامتد حتى صار خطه، وهو مركب من ثلاث نقط واحدة وواحدة وواحدة، فالواحدة لها العلم والعقل وروح القدس، وحرفها الألف، ومنها تبتدى ء الموجودات وإليها تنتهي، والنقطة الواحدة وهي روح اللَّه ونفخت فيه من روحي، وحرفها الباء وهي الحجاب وهو ظاهرة النقطة الواحدة وجسدها، ولها الحكم الظاهر وحقيقتها النبوّة وعنها ظهرت الموجودات وباطنها النقطة الواحدة .
قال عليه السلام:عن الباء ظهر الوجود، وبالنقطة تبين العابد عن المعبود
جامع الأسرار: 563 ح1163 وشرح دعاء السحر: 64 وفيه تميز بدل تبيّن ونسبه إلى ابن عربي.