مشارق أنوار الیقین فی أسرار أمیرالمؤمنین

رجب بن محمد حافظ البرسی

نسخه متنی -صفحه : 889/ 857
نمايش فراداده

بلسان الصدق أصدق ما يسمع، فأصبحت مع عظيم الحاجة إليها لا تحنو القلوب عليها ولا تحن الطبائع إليها، فاعجب لها كيف لا يركب نهجها وفاز في سفينة النجاة، ولا تتطلب وهي عين الحياة مع تقاطر الأيدي والمتاجر دفع طيبها وطيب عرقها، تلحظها العيون بأهداب الحقد، تلفظها الفنون بأفواه الرفض، وهي أنفس نفيس بحيث إنّها تتنافس فيه النفوس، فصارت تبعدها عن الأذهان بكذب فيها وبهتان، فكانت كما قيل:

  • ومن العجائب أنه لا يشتري وقع الكساد يخان فيه ويسرق

  • وقع الكساد يخان فيه ويسرق وقع الكساد يخان فيه ويسرق

وأقبل الحسّاد واللوام، كلّ يغض على عين البغضاء، ويغض عن طرق اللأواء والأحناء، وليس عليَّ في مجمع الفرقان عيوب، ولا في صحيفة اللواء ذنوب، غير حبي لعلي، ونشري لصحائف أسراره، فإذا كان هذا هو الذنب، وعليه وفيه العتب، فحبذا ذنب هو أعظم الحسنات وسبيل النجاة، وعتب هو أحلى من نسمات الحياة عند ذكر الملمات، وذكر ذنب منه لا أتوب، وعيب منه لا أؤوب، بل أقول كما قال قيس عامر:

  • أتوب إليك يا رحمان ممّا وأما عن هوى ليلى وتركي زيارتها فإنّي لا أتوب

  • جنيت فقد تكاثرت الذنوب زيارتها فإنّي لا أتوب زيارتها فإنّي لا أتوب

وحسبك نعمة لا يقدرونها، لا توجد إلّا لمن سبقت له من اللَّه الحسنى، لمعرفة المقصد الأسنى، فعلي في تحقيق الحقائق، وعلي في تدقيق الدقائق، بمعرفة إمام الخلائق، واقتدى بالإله الخالق، والنبي الصادق، والكتاب الناطق، لأن الرب العلي، والنبي الأمّي، أشدّ حبّاً لعلي وأعظم معرفة بالولي، فقل لمن أغراه هواه وأهواه: 'هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ'

يوسف:108.