موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ

محمد محمدی ری شهری

جلد 6 -صفحه : 40/ 21
نمايش فراداده

ولكنّا أجبنا القرآن في حُكمه. والسلام.

[ نهج البلاغة: الكتاب 48، بحارالأنوار: 588:308:33.]

كلام الإمام في ذمّ أصحابه

2588- الإرشاد- من كلامه عليه السلام حين رجع أصحابه عن القتال بصفّين، لمّا اغترّهم معاوية برفع المصاحف-: لقد فعلتم فعلة ضعضعت من الإسلام قواه، وأسقطت مُنّته،

[ المُنّة: القوّة "لسان العرب: 415:13".]

وأورثت وهناً وذلّة. لمّا كنتم الأعلَين، وخاف عدوّكم الاجتياح، واستحرّ بهم القتل، ووجدوا ألمَ الجراح؛ رفعوا المصاحف ودعوكم إلى ما فيها ليفثؤوكم

[ فَثَأ الرجلَ: كَسَر غضبَه وسكّنه بقول أو غيره "لسان العرب: 120:1".]

عنهم، ويقطعوا الحرب فيما بينكم وبينهم، ويتربّص بكم ريب المنون خديعة ومكيدة. فما أنتم إن جامعتموهم على ما أحبّوا، وأعطيتموهم الذي سألوا إلّا مغرورون. وايم اللَّه، ما أظنّكم بعدها موافقي رشد، ولا مصيبي حزم.

[ الإرشاد: 268:1، بحارالأنوار: 559:509:33؛ تاريخ الطبري: 56:5 عن جندب بن عبد اللَّه، الكامل في التاريخ: 390:2، المعيار والموازنة: 84 كلّها نحوه.]

2589- وقعة صفّين: جاء عديّ بن حاتم يلتمس عليّاً، ما يطأ إلّاعلى إنسان ميت أو قدم أو ساعد، فوجده تحت رايات بكر بن وائل، فقال: يا أميرالمؤمنين!ألا نقوم حتى نموت؟ فقال عليّ: ادنُهْ، فدنا حتى وضع أذنُه عند أنفه، فقال: ويحك! إنّ عامّة من معي يعصيني، وإنّ معاوية فيمن يُطيعه ولا يعصيه.

[ وقعة صفّين: 379، بحارالأنوار: 433:503:32؛ شرح نهج البلاغة: 77:8.]

تعيين الحَكَم

مخالفة الإمام في تعيين الحَكَم

2590- الإمام الباقر عليه السلام: لمّا أراد الناس عليّاً على أن يضع حكمين قال لهم عليّ: إنّ معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحداً هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص، وإنّه لا يصلح للقرشي إلّا مثله، فعليكم بعبد اللَّه بن عبّاس فارموه به؛ فإنّ عمراً لا يعقد عقدة إلّا حلّها عبد اللَّه، ولا يحلّ عقدة إلّا عقدها، ولا يبرم أمراً إلّا نقضه، ولا ينقض أمراً إلّا أبرمه.

فقال الأشعث: لا واللَّه، لا يحكم فيها مضريّان حتى تقوم الساعة، ولكن اجعله رجلاً من أهل اليمن إذ جعلوا رجلاً من مضر.

فقال عليّ: إنّي أخاف أن يُخدع يَمنيّكم؛ فإنّ عمراً ليس من اللَّه في شي ء إذا كان له في أمر هوًى.

فقال الأشعث: واللَّه، لأن يحكما ببعض مانكره، وأحدهما من أهل اليمن، أحبّ إلينا من أن يكون بعض ما نحبّ في حكمهما وهما مضريّان.

[ وقعة صفّين: 500 عن جابر؛ الفتوح: 198:4 نحوه.]

2591- الإمام عليّ عليه السلام- من كلام له في شأن الحكمين وذمّ أهل الشام-: جُفاة طَغام، وعبيد أقزام، جُمعوا من كلّ أوْبٍ، وتُلُقِّطوا من كلّ شَوبٍ، ممّن ينبغي أن يُفقَّه ويُؤدَّبَ، ويُعلَّمَ ويُدرَّبَ، ويُولَّى عليه، ويُؤخَذَ على يديه. ليسوا من المهاجرين والأنصار، ولا من الذين تبوّؤوا الدار والإيمان.

ألا وإنّ القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم ممّا يُحبّون،

[ في المصدر: 'تحبّون'، والتصحيح من شرح نهج البلاغة "309:13".]

وإنّكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم ممّا تكرهون.

وإنّما عهدكم بعبد اللَّه بن قيس بالأمس يقول: 'إنّها فتنة، فقطِّعوا أوتاركم، وشيموا سيوفكم'. فإن كان صادقاً فقد أخطأ بمسيره غير مستكره، وإن كان كاذباً فقد لزمته التهمة.

فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد اللَّه بن العبّاس، وخذوا مَهَلَ الأيّام، وحوطوا قواصي الإسلام.ألا ترون إلى بلادكم تغزى، وإلى صفاتكم تُرمى؟

[ نهج البلاغة: الخطبة 238، بحارالأنوار: 569:323:33.]

2592- وقعة صفّين: ذكروا أنّ ابن الكوّاء قام إلى عليّ فقال: هذا عبد اللَّه بن قيس وافد أهل اليمن إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وصاحب مقاسِم أبي بكر، وعامل عمر، وقد رضي به القوم. وعرضنا على القوم عبد اللَّه بن عبّاس فزعموا: أنّه قريب القرابة منك، ظنونٌ في أمرك.

[ وقعة صفّين: 502؛ شرح نهج البلاغة: 231:2.]

2593- الأخبار الطوال: اجتمع قرّاء أهل العراق وقرّاء أهل الشام، فقعدوا بين الصفّين، ومعهم المصحف يتدارسونه، فاجتمعوا على أن يُحكّموا حكمين، وانصرفوا.

فقال أهل الشام: قد رضينا بعمرو.

وقال الأشعث ومن كان معه من قرّاء أهل العراق: قد رضينا نحن بأبي موسى.

فقال لهم عليّ: لست أثق برأي أبي موسى، ولا بحزمه، ولكن أجعل ذلك لعبد اللَّه بن عبّاس.

قالوا: واللَّه، ما نفرّق بينك وبين ابن عبّاس، وكأنّك تريد أن تكون أنت الحاكم، بل اجعله رجلاً هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى أحد منكما بأدنى منه إلى الآخر.

قال عليّ رضى الله عنه: فلِمَ ترضون لأهل الشام بابن العاص، وليس كذلك؟

قالوا: اُولئك أعلم، إنّما علينا أنفسنا.

قال: فإنّي أجعل ذلك إلى الأشتر.

قال الأشعث: وهل سعّر هذه الحرب إلّا الأشتر؟ وهل نحن إلّا في حكم الأشتر؟

قال عليّ: وما حكمه؟

قال: يضرب بعض وجوه بعض حتى يكون ما يريد اللَّه.

قال: فقد أبيتم إلّا أن تجعلوا أباموسى؟!

قالوا: نعم.

قال: فاصنعوا ما أحببتم.

[ الأخبار الطوال: 192 وراجع مروج الذهب: 401:2.]

2594- تاريخ الطبري عن أبي مخنف: جاء الأشعث بن قيس إلى عليّ فقال له: ما أرى الناس إلّا قد رضوا، وسرّهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن، فإن شئتَ أتيتُ معاوية فسألته ما يريد، فنظرت ما يسأل.

قال: ائته إن شئت فسله.

فأتاه فقال: يا معاوية! لأيّ شي ء رفعتم هذه المصاحف؟

قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر اللَّه عزّ وجلّ به في كتابه، تبعثون منكم رجلاً ترضون به، ونبعث منّا رجلاً، ثمّ نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب اللَّه لا يعدوانه، ثمّ نتّبع ما اتّفقا عليه.

فقال له الأشعث بن قيس: هذا الحقّ. فانصرف إلى عليّ فأخبره بالذي قال معاوية.

فقال الناس: فإنّا قد رضينا وقبلنا.

فقال أهل الشام: فإنّا قد اخترنا عمرو بن العاص.

فقال الأشعث واُولئك الذين صاروا خوارج بعد: فإنّا قد رضينا بأبي موسى الأشعري.

قال عليّ: فإنّكم قد عصيتموني في أوّل الأمر، فلا تعصوني الآن، إنّي لا أرى أن اُولّي أباموسى.

فقال الأشعث، وزيد بن حُصين الطائي، ومسعر بن فدكي: لا نرضى إلّا به،

فإنّه ما كان يحذّرنا منه وقعنا فيه.

قال عليّ: فإنّه ليس لي بثقة، قد فارقني، وخذّل الناس عنّي، ثمّ هرب منّي حتى آمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عبّاس نولّيه ذلك.

قالوا: ما نبالي أنت كنت أم ابن عبّاس ! لا نريد إلّا رجلاً هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكما بأدنى منه إلى الآخر.

فقال عليّ: فإنّي أجعل الأشتر.

قال أبومخنف:... أنّ الأشعث قال: وهل سعّر الأرض غير الأشتر؟!...

وهل نحن إلّا في حكم الأشتر؟!

قال عليّ: وما حكمه؟

قال: حكمه أن يضرب بعضنا بعضاً بالسيوف حتى يكون ما أردتَ وما أراد.

قال: فقد أبيتم إلّا أباموسى؟!

قالوا: نعم.

قال: فاصنعوا ما أردتم.

فبعثوا إليه وقد اعتزل القتال، وهو بعُرض،

[ عُرْض: بليدة في بريّة الشام تدخل في أعمال حلب "معجم البلدان: 103:4".]

فأتاه مولى له، فقال:

إنّ الناس قد اصطلحوا.

فقال: الحمد للَّه ربّ العالمين!

قال: قد جعلوك حكماً.

قال: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون!

وجاء أبوموسى حتى دخل العسكر، وجاء الأشتر حتى أتى عليّاً فقال:

ألِزّني بعمرو بن العاص، فواللَّه الذي لا إله إلّا هو، لئن ملأتُ عيني منه لأقتلنّه. وجاء الأحنف فقال:

يا أميرالمؤمنين! إنّك قد رُميتَ بحجر الأرض، وبمن حارب اللَّه ورسوله أنف الإسلام، وإنّي قد عجمتُ

[ يُقال: عَجَمتُ الرجلَ: إذا خَبَرتَه "لسان العرب: 390:12".]

هذا الرجل، وحلبتُ أشطره، فوجدته كَليلَ الشفرة، قريبَ القعر، وإنّه لا يصلح لهؤلاء القوم إلّا رجل يدنو منهم حتى يصير في أكفّهم، ويبعد حتى يصير بمنزلة النجم منهم. فإن أبيَت أن تجعلني حكماً، فاجعلني ثانياً أو ثالثاً، فإنّه لن يعقد عقدة إلّا حللتُها، ولن يحلّ عقدة أعقدها إلّا عقدتُ لك اُخرى أحكم منها.

فأبى الناس إلّا أباموسى والرضا بالكتاب.

[ تاريخ الطبري: 51:5، الكامل في التاريخ: 387:2، الفتوح: 193:3 تا 199؛ وقعة صفّين: 498 كلاهما نحوه.]

وثيقة التحكيم

2595- الأمالي للطوسي عن جندب: لمّا وقع الاتّفاق على كتب القضية بين أميرالمؤمنين عليه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص في رجال من أهل الشام وعبد اللَّه بن عبّاس في رجال من أهل العراق.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام للكاتب: اكتب: هذا ما تقاضى عليه أميرالمؤمنين

عليّ ابن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.

فقال عمرو بن العاص: اكتب اسمه واسم أبيه ولا تسمّه بإمرة المؤمنين، فإنّما هو أميرهؤلاء وليس بأميرنا.

فقال الأحنف بن قيس: لا تمح هذا الاسم فإنّي أتخوّف إن محوته لا يرجع إليك أبداً.

فامتنع أميرالمؤمنين عليه السلام من محوه، فتراجع الخطاب فيه مليّاً من النهار، فقال الأشعث بن قيس: امحُ هذا الاسم ترَحه اللَّه.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: اللَّه أكبر! سُنّة بسُنّة ومثل بمثل، واللَّه، إنّي لكاتب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم الحديبيّة وقد أملى عليَّ: هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللَّه سهيل بن عمر، فقال له سهيل: امحُ رسول اللَّه فإنّا لا نقرّ لك بذلك، ولا نشهد لك به، اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعتُ من محوه فقال النبيّ صلى الله عليه و آله:

امحه يا عليّ! وستُدعى إلى مثلها فتجيب، وأنت على مضض.

فقال عمرو بن العاص: سبحان اللَّه! ومثل هذا يُشبّه بذلك ونحن مؤمنون، واُولئك كانوا كفّاراً!

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يابن النابغة! ومتى لم تكن للفاسقين وليّاً وللمسلمين عدوّاً، وهل تشبه إلّا اُمّك التي دفعت بك؟

فقال عمرو: لا جرم، لا يجمع بيني وبينك مجلس أبداً.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: واللَّه، إنّي لأرجو أن يُطهّر اللَّه مجلسي منك ومن أشباهك.

ثمّ كتب الكتاب وانصرف الناس.

[ الأمالي للطوسي: 315:187، وقعة صفّين: 508؛ تاريخ الطبري: 52:5، الكامل في التاريخ: 388:2 كلّها نحوه وراجع الإمامة والسياسة: 151:1 والأخبار الطوال: 194 والفتوح: 201:4.]

2596- تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه- في ذكر ما احتوت عليه وثيقة التحكيم-: وثيقة التحكيم هي ما يلي:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى عليّ على أهل الكوفة ومن معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنّا ننزل عند حكم اللَّه عزّ وجلّ وكتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإنّ كتاب اللَّه عزّ وجلّ بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نُحيي ما أحيا، ونميت ما أمات.

فما وجد الحكمان في كتاب اللَّه عزّ وجلّ- وهما أبوموسى الأشعري عبد اللَّه بن قيس، وعمرو بن العاص القرشي- عملا به، وما لم يجدا في كتاب اللَّه عزّ وجلّ فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة.

وأخذ الحكمان من عليّ ومعاوية ومن الجندين من العهود والميثاق، والثقة من الناس، أنّهما آمنان على أنفسهما وأهلهما، والاُمّة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه.

وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد اللَّه وميثاقه أنّا على ما في هذه الصحيفة، وأن قد وجبت قضيّتهما على المؤمنين، فإنّ الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، وشاهدهم وغائبهم.

وعلى عبد اللَّه بن قيس وعمرو بن العاص عهد اللَّه وميثاقه أن يحكما بين هذه الاُمّة، ولا يَرُدّاها في حرب ولا فرقة حتى يُعصيا، وأجلُ القضاء إلى رمضان. وإن أحبّا أن يؤخّرا ذلك أخّراه على تراضٍ منهما، وإن توفِّي أحد الحكمين فإنّ أميرالشيعة يختار مكانه، ولا يألو من أهل المَعدلة والقسط.

وإنّ مكان قضيّتهما الذي يقضيان فيه مكانٌ عدلٌ بين أهل الكوفة وأهل الشام، وإن رضيا وأحبّا فلا يحضرهما فيه إلّا من أرادا، ويأخذ الحكمان من أرادا من الشهود، ثمّ يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة، وهم أنصار على من ترك ما في هذه الصحيفة، وأراد فيه إلحاداً وظلماً.

اللهمّ! إنّا نستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة.

[ تاريخ الطبري: 53:5، الأخبار الطوال: 194، الكامل في التاريخ: 388:2، الإمامة والسياسة: 152:1، الفتوح: 204:4؛ وقعة صفّين: 510 و ص 504، شرح الأخبار: 135:2 كلّها نحوه.]

2597- شرح نهج البلاغة عن أبي إسحاق الشيباني: قرأت كتاب الصلح عند سعيد بن أبي بُردة في صحيفة صفراء عليها خاتمان خاتم من أسفلها وخاتم من أعلاها على خاتم عليّ عليه السلام 'محمّد رسول اللَّه' وعلى خاتم معاوية 'محمّد رسول اللَّه' وقيل لعليّ عليه السلام حين أراد أن يكتب الكتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام:أتقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون؟

فقال عليّ عليه السلام: ما أقرّ لمعاوية ولا لأصحابه أنّهم مؤمنون ولا مسلمون، ولكن يكتب معاوية ما شاء بما شاء ويقرّ بما شاء لنفسه ولأصحابه، ويسمّي نفسه بما شاء وأصحابه.

[ شرح نهج البلاغة: 233:2، ينابيع المودّة: 19:2؛ وقعة صفّين: 509.]

2598- تاريخ الطبري عن فضيل بن خديج الكندي- في وثيقة التحكيم-: كان