و أوائل السادس قال في (الاقتصاد) ما هذاحاصله: «إنما الحق إِثبات القدرتين، علىفعل واحد، و القول بمقدور منسوب إلىقادرين، فلا يبقى إلاَّ استبعاد تواردالقدرتين على فعل واحد، و هذا إنما يبعدإذا كان تعلق القدرتين على وجه واحد، فإناختلفت القدرتان واختلف وجه تعلقهمافتوارد القدرتين المتعلقتين على شيء واحدغير محال».
ثم حاول بيان تغاير الجهتين، فلاحظ (1).
و منهم: الفاضل القوشجي حيث قال: «و المرادبكسبه إياه، مقارنته لقدرته من غير أنيكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوىكونه محلا له»(2).
يلاحظ عليهما: إنَّ دور العبد في أفعالهعلى هذا التقرير ليس إلاَّ دور المقارنة،فعند حدوث القدرة و الإِرادة في العبديقوم سبحانه بخلق الفعل، و من المعلومأنَّ تحقق الفعل من اللّه مقارناً لقدرته،لا يصحح نسبة الفعل إلى العبد، معه كيفيتحمل مسؤوليته إذ لم يكن لقدرة العبدتأثير في وقوعه، و عندئذ تكون الحركةالاختيارية كالحركة الجبرية.
و الحق أنّ الأشاعرة مع أنهم مالوا يميناًو شمالا في توضيح الكسب لم يأتوا بعبارةواضحة مقنِعَة. و لأجل ذلك نرى أنَّالتفتازاني يعترف بقصور العبارات عنتفهيم المراد حيث يقول: «إن صرف العبدقدرته و إرادته إلى الفعل كسبٌ، و إيجاداللّه تعالى عقيب ذلك خلقٌ، و المقدورالواحد داخل تحت قدرتين لكن بجهتينمختلفتين، فالفعل مقدور للّه بجهةالإِيجاد و مقدور للعبد بجهة الكسب، و هذاالقدر من المعنى ضروري، و إن لم نقدر علىأزيد من ذلك في تلخيص العبارة المفصحة عنتحقيق كون فعل العبد بخلق اللّه تعالى وإيجاده مع ما فيه للعبد من القدرة والاختيار(3).
1- الاقتصاد في الاعتقاد، ص 47، طبعة البابيالحلبي بمصر. 2- شرح التجريد، ص 445. 3- شرح العقائد النسفية، ص 117.