مستقل في فعله سواء أكان الفعل فعلاًعادياً كالمشي والتكلّم، أم غير عاديكالمعجزات الّتي كان يقوم بها سيدناالمسيح (عليه السَّلام) مثلاً، من خلقالطَّير من الطين وإِبراء الأَكْمَهوالأَبرص وإِحياء الموتى والإِنباءبالمغيّبات، يُعَدُّ الخضوع عبادةللمخضوع له.
توضيح ذلك: إِنَّ الله سبحانه غني فيفعله، كما هو غني في ذاته عما سواه، فهويخلق ويرزق ويحيي ويميت من دون أَنْيستعين بأَحد ـ سواء في أَفعاله المباشريةأو التسبيبية ـ أو يستعين في خلقه بمادةقديمة غير مخلوقة له. فلو اعتقدنا بأَنأَحداً مستغن في فعله العادي وغير العاديعمن سواه، وأَنه يقوم بما يريد من دوناستمداد واحتياج إلى أحد حتى الله سبحانه،فقد أَشركناه مع الله واتخذناه نداً لهتعالى.
فالمِلاك في هذا التعريف هو «استقلالالفاعل» في فعله، وعدم استقلاله. والتوحيدبهذا المعنى ممّا يشترك فيه العالموالجاهل.
نعم ما يدركه المتألّه المثالي منالتفاصيل في مورد الاستقلال في المعبود،وعدمه في العابد على ضوء الأدلة العقليةوالكتاب العزيز، ممَّا يدركه غيره أيضاًبفطرته الّتي خلق عليها، فلا يلزم مناختصاص فهم التفاصيل بهذه الطبقة (أيالمتألّهين البصيرين) حرمان الجاهلين منفهم معاني العبادة ومشتقاتها الواردة فيالقرآن ومحاوراتهم العرفية، فالعبادةبهذا المعنى ـ أي باعتقاد كون المعبودمستقلاً ـ يشترك فيه العالم والجاهل،والكامل وغير الكامل، غير أنَّ كل فرد منالناس يفهمه على قدر ما أُعطي من الفهموالدرك كما قال سبحانه: (فَسَالَتْأَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا)(1) وحيث إنَّالدارج في ألسِنَة المتكلمين في المقامالتعبير بـ«التفويض» فلنشرح مقاصدهم.
1. سورة الرعد: الآية 17.