رسالة فی حدیث خطبة علی بنت أبی جهل

السید علی میلانی

نسخه متنی -صفحه : 43/ 26
نمايش فراداده

لكنه وضعه على لسان أفراد من أهل البيت عن سيّدهم أمير المؤمنين عليه السلام في الردّ على ابن عبّاس وكذا التعبير!!

ولا تحسبن أن الوضع على لسان رجال أهل البيت يختص بالزهري ـ وإن كان من أشهرهم بهذا الصنيع الشنيع !! ـ فهذا أحد محدثي القوم: عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة القدامي، يقول الذهبي وابن حجر بترجمته: «أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب، منها: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: توفيت فاطمة رضي الله عنها ليلاً، فجاء أبو بكر وعمر وجماعة كثيرة، فقال أبو بكر لعلي: تقدّم فصل، قال: لا والله لا تقدّمت وأنت خليفة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم. فتقدّم أبو بكر وكبر أربعاً»(1).

وقال ابن حجر: «رواه بعض المتروكين عن مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه. ووهّاه الدارقطني وابن عديّ»(2).

إنهم يريدون بتلك المساعي التغطية على ما جنوا، وإصلاح ما أفسدوا، ولكن «لايصلح العطارما أفسده الدهر»!!.

وبقي الكلام في (مسور) نفسه، ويكفينا أن نعلم:

أولاً:

إنه ولد بعد الهجرة بسنتين، فكم كانت سني عمره في وقت خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟! وهكذا ما سنتكلم عليه بعد أيضاً.

وثانياً:

إنه كان مع ابن الزبير، وكان ابن الزبير لا يقطع أمراً دونه، وقد قتل في قضية رمي الكعبة بالمنجنيق، بعد أن قاتل الشاميّين، وولي ابن الزبيرغسله.

وثالثاً:

إنه كان مّمن يلزم عمر بن الخطّاب.

ورابعاً:

إنه كان إذا ذكر معاوية صلّى عليه.

وخامساً:

إنه كانت الخوارج تخشاه وينتحلونه (3).

(1) لسان الميزان 3|334.

(2) الإصابة 4|379.

(3) سير أعلام النبلاء 3|391 ـ 394. تهذيب التهذيب 10|137.

(3)

تأمّلات في متن الحديث ومدلوله

وبعد، فإنه لا بُدّ من التأمل في متن الحديث ومدلوله... فلا بدّ من النظر إلى المتن.. لأنه في كل مورد يختلف فيه متن الحديث والأسانيد معتبرة، يلجأ العلماء إلى القول بتعدّد الواقعة.. واما حيث لا يمكن الالتزام بتعدّدها وتعذّر الجمع بين ألفاظ الحديث.. فذلك عندهم قرينة قويّة على أن لا واقعيّة للقضيّة...

هذا ما قرره العلماء.. وبنوا عليه في كثير من الأحاديث الفقهية وأخبار القضايا التاريخية.. ونحو ذلك...

ولا بدّ من النظر في الدلالة... فقد يكون الحديث صحيحاً سنداً ولكنه يخالف ـ من حيث الدلالة ـ الضرورة العقلية أو محكم الكتاب أو قطعيّ السنة أو واقع الحال...

ونحن ننظر في متن هذا الحديث ومدلوله، بعد فرض صحّة سنده وقبوله.. في فصول:

تأملات في خصوص حديث مسور

1 ـ لقد جاء عن مسور: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم «وأنا محتلم» قال ابن حجر بشرح البخاري: «في رواية الزهري عن علي بن حسين عن المسور ـالماضية في فرض الخمس ـ: (يخطب الناس على منبره هذا وأنا يومئذٍ محتلم). قال ابن سيّد الناس: هذا غلط. والصواب ما وقع عند الإسماعيلي بلفط (كالمحتلم). أخرجه من طريق يحيى بن معين عن يعقوب بن إبراهيم بسنده المذكور إلى علي بن الحسين. قال: والمسور لم يحتلم في حياة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، لأنه ولد بعد ابن الزبير، فيكون عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه [واله] وسلّم ثمان سنين»(1)

(1) فتح الباري 9|268 ـ 270.