طفل بین الوراثة و التربیة

محمد تقی الفلسفی

جلد 1 -صفحه : 399/ 156
نمايش فراداده

الأماكن التي تكون الفاصلة نحوها بعيدةولا تستطيع القفز نحوها ولكن الأطفال لايفهمون هذه الأمور فما أكثر ما رأيناهميسقطون من السطوح العاليمة ويموتون. وهكذاالمهر فانه يفهم خطر الغرق في الماء ولايرمي بنفسه في ولم يسمع لحد الآن أن مهرةقد اختنقت في نهر القرية أو بركتها جهلاً،لكن أطفال البشر هم الذين يسقطون في أحواضالبيوت والمسابح فيغرقون!

والحيوانات لا تحتاج في الأمور الصحيةوحفظ سلامتها وسلامة صغارها إلى التعليموالتربية، ولكن البشر نراه ماداً يدالحاجة دائماً إلى العم والعالم لحفظسلامته وسلامة أطفاله على ضوء ارشاداته.هذه هي بعض الأمثلة البسيطة على المقارنةبين الصفات المشتركة بين الانسان وسائرالحيوانات.

خواص الانسان:

أما فيما يتعلق بالجانب الثاني. فإن فيباطن الانسان قابليات ومواهب خاصة لا توجدفي الحيوانات أصلاً. هذه المواهبوالقابليات هي التي تبلغ بالانسان إلىأعلى درجات الكمال الانساني في المدارجالايمانية والمراحل الأخلاقية، وبذلكتحفظه عن كل المدنسات والرذائل... وهي التيتجعله مسيطراً على علام طبيعة في المجالالعلمي وإدراك نواحي الخلقة، وبذلك تخضعله جميع القوى والطاقات الأرضية، ثم تفسحله المجال للسيطرة على الأجرام السماويةوتسخيرها أيضاً. لكن هذه الثروة العظيمةالتي ينحصر بها الانسان تكمن في الباطنبصورة استعدادات وقابليات ولا تظهرلوحدها أصلاً، وفي ظل التربية والتعليمفقط يمكن إخراج تلك الذخائر العظيمة منالقوة إلى الفعل، ومن الاستعداد إلى حيزالتنفيذ والاستغلال.

إن أصوات الحيوانات التي تكون كل منهابمنزلة علامة خاصة، لا تحتاج إلى تمرينوتربية، ولكن التكلم الذي لا يعدو كونهأبسط الظواهر الانسانية لا يتم من دونمرشد ومرب، إذ لو ترك الطفل من أول يومولادته وحيداً لا يتكلم معه، فلا شك في أنقابلية على التكلم تموت ولا تصل إلى عالمالفعلية، وهكذا سائر الاستعدادات الفطريةفي الانسان فانها تظهر عن طريق التربيةوالتعليم فقط.