طفل بین الوراثة و التربیة

محمد تقی الفلسفی

جلد 1 -صفحه : 399/ 187
نمايش فراداده

العواطف والمشاعر:

يجب علينا أن لا نغفل حقيقة مهمة: وهي أنسعادة الانسان ليست مرتبطة بتكامل عقلهفقط، فهناك ثروة أخرى في كمين الانسانبالاضافة إلى العقل ألا وهو العاطفة. إن مالاشك فيه هو أن الشعور العاطفي يجب أنتراقب رعايته بالصورة الصحيحة شأنه في ذلكشأن العقل. فالعقل والعاطفة يجب أن يسيرافي طريق الكمال المنشود كتفاً لكتف. وفي ظلهاتين القوتين العظيمتين يستطيع الانسانأن ينال مقامه اللائق به.

ومع أننا سنتطرق بالتفصيل إلى البحث عنالعواطف وقيمة المشاعر في المراحلالتربوية وجميع شؤون الحياة في البحوثالقادمة، لكننا هنا نذيل بحثنا عن العقلببعض الجمل عن العاطفة وأهميتها بصورةموجزة.

دور العقل والعاطفة:

يلعب العقل دور الدليل المرشد في ضمانسعادة الانسان، ولكن الطاقة المحركة له هيالعواطف والمشاعر. العقل في الحياة يشبهالعدل في كونه ضرورياً للمجتمع. ولكنالعقل والعدل كليهما أمران صارمان لايملكان مرونة وحناناً. أما اللحام الذييربط بين أجزاء المجتمع ويوجد الأخاءوالحب بينها فهو العاطفة. لقد ورد ذكرالعدل والاحسان معاً في القرآن الكريم،فهو يأمر بهما معاً: «إن الله يأمر بالعدلوالاحسان» (1).

والمجتمع يحتاج في تحديد حقوق الأفراد،وتعيينها إلى العدل، ولكن بالعاطفةوالاحسان يروي ظمأ المجتمع من الحبوالحنان. إن غذاء العقل هو العلم، وغذاءالعواطف هو الأخلاق والفضيلة، ومما لاشكفيه أن العقل هو أساس السعادة الانسانية،ولكن الانسان يبحث عن محبوب آخر يمنحهالطاقة الحرارية ويسبب له الحيويةوالنشاط والرفاه، ذلك هو العاطفة. إن جميع

(1) سورة النحل |90.