مضى أصلاً، ولا قيمة لماضيهم المجيدوتراثهم الخالد... هؤلاء يظنون أن كل ما هوفي أوروبا وأمريكا وكل ما يجري على الناسهناك حسن وصحيح وجدير بالتقليد، ويبدو لهمأن الطريق الوحيد للسعادة منحصر فياتباعهم من دون تعقل أو روية، غافلينتماماً عن أن هناك مساوئ كثيرة في تلكالبلدان في قبال بعض المحاسن التي يرونها.فالعاقل ـ إذن ـ هو الذي يقلد محاسن الأممالمتقدمة ويجتنب عن مساوئها.
وبهذا الصدد يقول القرآن الكريم: «الذينيستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذينهداهم الله وأولئك هم أولو الألباب» (1)
وقد ورد في الحديث: «خذوا الحق من أهلالباطل ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق،كونوا نقاد الكلام، فكم من ضلالة زخرفتبآية من كتاب الله كما زخرف الدرهم من نحاسبالفضة المموهة، النظر إلى ذلك سواء،والبصراء به خبراء» (2).
فلو كان مجتمعنا الاسلامي قد تمسكبتعاليم القرآن الكريم واختار حسناتالمدينة الحديثة وتجنب سيئاتها، لكان قدحصل على نجاح باهر في مجالات مختلفة إلىهذا الحين... ولكن المؤسف أن الأمر على عكسما يريده لنا القرآن. فنجد تقليد المدنيةالحديثة في علومها وتكاملها وفي مجالاتالبحث والاختراع أقل ـ بكثير ـ من تقليدهافي مجالات الانقياد للشهوات وشرب الخمروالميوعة والتحلل والفساد. فبينما نجدالشرقيين يسبقون الغرب في الجانب الثاني،نجدهم في ركب متأخر عنهم في الجانب الأولومع ذلك كله، فالأمل لا يزال يحدونا إلىاستعادة استقامة سلوكنا والأخذ بمنهجناالقرآني الصحيح الكافل لسعادتنا ورقيناوازدهارنا، والفرصة لا تزال سانحة للرجوعإلى اقتباس ما هو حسن وصالح من الغرب، وتركما هو مضر وفاسد فيه.
(1) سورة الزمر |18. (2) إثبات الهداة ج 1|136.