خلف أستار المغالطات الموهومة، ويحفظنفسه من تعذيب الضمير إلى الأبد غافلاً عنأن الوجدان الأخلاقي الفطري ينظر بنورالواقع، وأنه لا يسكت بالتبريراتالباطلة، فالوجدان مشعل وضاء موجود فيباطن الانسان. بأمر من الله، ولا يمكنإطفاؤه بهذه الكلمات. إن الوجدان الأخلاقيلا ينسى واجبه السماوي، ولا يدع المجرملوحده، ولا يفسح المجال له ليتخلص منتعذيبه ولومه وتقريعه.
ولقد صمم إبن سعد على ألا يستمع لنداءالوجدان، ويتجاهل وجوده تماماً، ولكنتجاهل الحقيقة لا يقدر على إزالة الحقيقة.
«إن ما لا شك فيه أن هذه الحالات ناتجة عنأن الانسان يمتنع عن سماع نداء الوجدان،هذا الامتناع هوالذي يولد هذا التصورالخادع القائل بأنه لا يوجد وجدان. في حينأن الوجدان اليقظ قد لاذ بالوجدانالمغفول» (1).
وأخيراً فقد صمم على ارتكاب الجريمة،وأقدم على أعظم الذنوب أملاً في الحصولعلى حكومة الري... ولكن أسفرت النتيجة عنحرمانه من تلك الأمنية، وهنا تناوشتهالضربات القاضية من قبل الوجدان من جهةوحز في نفسه انهياره السياسي وفشلهالاجتماعلي من جهة أخرى... فوقع في أسرالأمراض الروحية والاضطراب النفسية وسلبتمن راحته فأمر أن يمد فراشه طوال الليلوالنهار، فكان يستلقي في الفراش تارة،ويتمشى في البيت أخرى ويتخطى في الأزقةبلا إرادة ثالثة... وكانت عاقبته أن لاقىحتفه على يد أحد الضباط الثوار في ذلكالفراش، وأنهى حياته المشؤومة بهذا الوضعالمزري.
* * *
إن أسعد الناس هو الذي يملك نفسه ويسيطرعلى رغباته، لا يحوم
(1) جه ميدانيم ؟ بيماريهاى روحى وعصبى ص 66.