بعض الأحيان، حيث لا يتمكن المريض منالوصول إلى الطبيب فانة إذا احتمى ولميحمل مزاجه فوق طاقته، نجد المناعةالذاتية قادرة على أن تنجي المريض منالانحراف وأن ترجعه إلى وضعه الاعتيادي.وهناك حالات ينحصر العلاج فيها بالحميةفقط.
يقول الإمام موسى بن جعفر (ع): «الحمية رأسالدواء» (1).
نستنتج مما تقدم: أن السلامة منوطةبالمواظبة على توصيات الطبيب ـ الايجابيةمنها والسلبية ـ ولكن النظرة الثاقبةترينا أن أثر الجانب السلبي في العلاجأقوى من أثر الجانب الايجابي.
وعلى هذا المنوال تنسج التعاليمالاسلامية نسجها في تحقيق السعادةالمعنوية. فالانسان السعيد هو الذي يطبقالتعاليم الايجابية والسلبية... يأتيبجميع الفرائض ويترك جميع المحرمات، ومعذلك فان كفة الابتعاد عن الذنوب (الجانبالسلبي) ترجح في ميزان السعادة البشريةعلى كفة الاتيان بالواجبات (الجانبالايجابي).
ومن هنا نجد أن القرآن الكريم والرواياتالواردة عن النبي وآل بيته عليهم الصلاةوالسلام، تعرف (التقوى) أعظم رصيدللسعادة، وترى أن الغاية العظمى من القرآنوتعاليمه هي تربية الناس على التقوى،فالتقوى بمعنى إجتناب المعاصي والابتعادعنها، و (المتقي) هو المجتنب عن المعاصي.
فليس صيام رمضان ـ وهو من أهم الفرائضالاسلامية ـ إلا مظهراً من مظاهر الاجتنابعن المفطرات بنية التقرب إلى الله تعالى،ولقد أوجب الله الصيام على الأمم السالفة،وعلى الأمة الاسلامية كي يتمرن الناس فيهذا الشهر على الحصول على ملكة التقوى.
(... كتب عليكم الصيام، كما كتب على الذينمن قبلكم، لعلكم
(1) سفينة البحار ص 245، مادة (حمى).