فی ظلال نهج البلاغة

شرح محمدجواد مغنیه ؛ وثق اصوله و حققه وعلق علیه سامی ‌الغریری

جلد 1 -صفحه : 454/ 248
نمايش فراداده

موقف الإمام من الخوارج:

أشار الإمام عليه السلام في هذه الخطبةالى الخوارج، و لذا نمهد لها بكلمة موجزةعن موقفه و سياسته معهم: لقد تكلم الشارحونعن حرب الخوارج و مروقهم، و أطال المؤرخونالحديث عن أحوالهم، و وضع فيهم العديد منالمؤلفات، و من أحب معرفة التفاصيل فليرجعاليها و الى أقوال شارحي النهج.. و غرضناالآن أن نشير الى موقف أمير المؤمنين عليهالسلام منهم، و يتلخص بأنه حاول جهدالمستطاع أن لا يهيجهم في شي‏ء. و من جملةما قال لهم: ألم أقل عند رفع المصاحف: انمعاوية و رهطه ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن،و انما هم يكيدون و يخدعون و يتقون حرالسيف. فأبيتم إلا إيقاف القتال و الكفعنه، و إلا التحكيم، و إلا الأشعري.. فرضيتمكرها خوف الفتنة و رضوخا لأهون الشرين.. وأيضا قلت لكم بعد التحكيم: لقد أخذنا علىالحكمين العهد بأن يحكما بما في كتاباللّه، فإن و فيا فذاك، و إلا استأنفناالقتال.

فقالوا للإمام: لقد أخطأنا و كفرنا، فاشهدأنت على نفسك بالكفر، و تب الى اللّه كماتبنا، و نحن معك و إلا فبيننا و بينك السيف.

فقال لهم الإمام عليه السلام: أبعد ايمانيباللّه و جهادي مع رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم أشهد على نفسي بالكفر. لقدضللت اذن، و ما أنا من المهتدين.. و يرجح فيالظن ان الإمام لو استجاب لهم لقالوا: نحنلا نريد إماما يكفر و يتوب، أو قالوا: لقدأضمرت غير ما أظهرت، و انك على ما أنت.

حكم الخوارج بكفر الإمام، و استباحوادمه، و قالوا له بصراحة: «ليس بيننا و بينكإلا السيف».. و من هنا أسماهم الرسولالأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّمبالمارقين من الدين.. و مع هذا كله لم يغضبالإمام، و لم يبدأهم بالقتال، بل نهى عنقتالهم و قال: «لا تقاتلوا الخوارج بعدي،فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطلفأدركه».. يشهد الإمام لعدوه الذي كفّره وأباح دمه و أعلن حربه و قال له: لا شي‏ء لكعندي إلا السيف، يشهد علي لعدوه هذااللدود انه طالب حق.. و لا أدري: هل عرفالتاريخ انسانا أنصف عدوه من نفسه و صبرعليه كعلي بن أبي طالب. و هنا يكمن السر فيحب القلوب له و تعلقها به، حتى القلوبالقاسية و الجاحدة.. و قال الإمام أيضا: لانمنع الخوارج الفي‏ء: و لا نهيجهم،