و لا نبغيهم شرا.. إن سكتوا تركناهم، و إنتكلموا حاججناهم، و إن أفسدوا في الأرضقاتلناهم.
نبذوه و كفروه، و أباحوا دمه و مع هذا يحسناليهم بالعطاء و بالاعتراف انهم طلاب حق،و لا يبغيهم شرا، بل و لا يفرض عليهمسلطانا.. و اذا أفسدوا و اعتدوا على حقوقالناس تسقط حرمتهم، و تكون الحرمة والسلطة عليهم للحق لا لعلي بن أبي طالب.
هذه هي سياسته مع الذين كفّروه و حاربوه،و مع معاوية الذي منعه الماء، و أبى الإمامأن يمنعه بعد أن تمكن منه، و مع ابن العاصالذي دافع عن حشاشته بسوءته، و مع صاحبةالجمل حيث عزّرها و أكرمها.. بل هذه سياستهمع كل الناس لا فرق بين قريب و بعيد، و عدوو صديق.. و من هنا قال المتنافسون علىالمناصب: ان عليا لا يعرف السياسة.. أجل،انه لا يعرف سياسة البغي و النفاق أويعرفها و لا يعمل بها، و لكنه يعرف سياسةالعدل و الحق و الرحمة، و يدين بها و يعمل،و لا يحيد عنها. و ان كان الثمن النفس والأهل فضلا عن الملك و الجاه.
(كلمة حق يراد بها باطل). المراد بكلمةالحق قول الخوارج: «لا حكم إلا للّه». و لايختلف اثنان من المسلمين في أن تشريعالأحكام، و جعل الحلال و الحرام هو للخالقوحده لقوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّالِلَّهِ- 40 يوسف.
و قوله: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِماأَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُالظَّالِمُونَ- 45 المائدة.
و لكن الكلام في الباطل الذي أرادهالخوارج و هدفوا اليه من هذه الكلمة، أيشيء هو.
و قد بيّن الخوارج أنفسهم الشيء الذيأرادوه من قولهم: «لا حكم إلا للّه» و هوقبول الإمام فكرة التحكيم، فقد سألهم ابنعباس: ما ذا ينقمون من أمير المؤمنينفقالوا: تحكيمه الحكمين. و عليه يكونالباطل هو قبول فكرة التحكيم من حيث هيبصرف النظر عن شخصية المحكّمين.
و لكن الظاهر من قول الإمام: (هؤلاءيقولون: لا إمرة إلا للّه، و أنه لا بدللناس من أمير بر أو فاجر). الظاهر من هذاأن الباطل الذي أراده