فی ظلال نهج البلاغة جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الخوارج هو نفي الإمرة على الناس من رأس،و أنه لا حاجة بهم على الإطلاق الى أمير مادام الحكم للّه. و تسأل: كيف نسب الإمام الى الخوارج القولبنفي الإمرة مع انهم لم يصرحوا بذلك، والذي صرحوا به هو نفي التحكيم لا الإمرة. الجواب: ان نفي الخوارج للتحكيم في قضيةمعينة لا نص عليها بالخصوص كالتحكيم الذيحصل، ان هذا النفي بذاته دليل واضح علىأنهم يفهمون و يفسرون «لا حكم إلا للّه»بأنه لا حكم كلي و لا جزئي لمجتهد أو أميرأو أي إنسان كائنا من كان إلا في الأشياءالمنصوص عليها كتابا أو سنة، أما غيرالمنصوص عليها فيترك أمرها الى اللّه، والبديهة تقضي ببطلان ذلك، لأن النصوصمحدودة و متناهية، و الحوادث الجزئيةالمتوقعة لا حد لها و لا نهاية، و اذا لميتح لها حاكم يحكم بها فمن يعطيها منازلهاو أحكامها، و يفصل بين الناس في خصوماتهم،و يؤدب المعتدي و يردعه مع العلم بأن اللّهسبحانه لا يتدخل في شئون الناس، و يتصل بهممباشرة و بلا واسطة. و اذن لا بد من سلطةعادلة أو جائرة تقدر الحكم الجزئي و تنفذهبالقوة و إلا عمت الفوضى، و ما قام للناسسوق، و لا انتظم لهم أمر، و من أقوالالإمام عليه السلام: «و مكان القيم بالأمرمكان النظام من الخرز يجمعه و ينظمه، فإنانقطع النظام تفرق الخرز و ذهب، ثم لم يجمعبحذافيره أبدا». (يعمل في إمرته المؤمن). الضمير في إمرتهللفاجر، و قال بعض الشارحين: «يريد الإمامان إمرة الفاجر لا تمنع المؤمن من إقامةالصلاة و إيتاء الزكاة» و لكن المراد أعميشمل جميع الواجبات، و في طليعتها الأمربالمعروف و النهي عن المنكر. فقد جاء فيالحديث الشريف و في نهج البلاغة أيضا: انأفضل الأعمال الأمر بالمعروف و النهي عنالمنكر، و انهما لا يقربان من أجل، و لاينقصان من رزق، و أفضل من ذلك كله كلمة عدلعند إمام جائر (و يستمتع فيها الكافر) بماأصاب منها، و لكن الى حين، ثم يشتد و يطولمقته لنفسه بما رزق من الحرام (و يبلغاللّه فيها الأجل). كل مدة في هذه الحياةالى انتهاء، و كل نعمة الى زوال عاجلا أمآجلا. (و يجمع به الفيء، و يقاتل به العدو، وتأمن به السبل، و يؤخذ به للضعيف من القوي).يريد الإمام ان هذه المنافع هي من آثارالنظام و التنظيم أيا كان