للمنبر- علي و أعضاء الشورى:
قال الشريف الرضي و ابن أبي الحديد: لماعزموا على بيعة عثمان قال لهم الإمام عليهالسلام: (لقد علمتم اني أحق الناس بها منغيري إلخ..). و ضمير بها يعود الى البيعة أوالى الخلافة بقرينة المقام، و كلام الإمامهنا واضح، و لا شيء فيه من الغموض،فالخلافة في مفهومه أداة لتحقيق العدل وتصحيح الخطأ، فإذا تحققت هذه الغاية هانعليه الضغوط و الأساليب الملتوية التيمارسوها لإقصائه عن الخلافة مع علمه ويقينه بأنه أولى بها و أحق من غيره. و تقدمقوله في الخطبة الشقشقية: «لولا حضورالحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر، و ماأخذ اللّه على العلماء أن لا يقارّوا علىكظة ظالم و لا سغب مظلوم، لألقيت حبلها علىغاربها، و لسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطةعنز».و إذا عطفنا قوله هذا في الشقشقية علىقوله هنا: «لأسلمن ما سلمت أمور لمسلمين» وجمعناهما في كلام واحد.. إذا فعلنا ذلكيكون المعنى ان الإمام عليه السلام نمايسكت و لا يعلن الحرب في حالين: الأولى أنيتحقق العدل بأية وسيلة من الوسائل.الثانية أن يحصل الجور، و لكن الإمام لايجد من يناصره و يؤازره على إقامة الحق وإزهاق الباطل. و على هذا فإن سكوت الإمامعمن سبقه الى الحكم لا يكشف عن إيمانه بأنحكم السابق لم يكن جائرا، بل قد يكون السببالمباشر للسكوت هو العجز و عدم التكافؤبينقوة الإمام، و قوة الحاكمين.
و من المفيد أن نذكر بهذه المناسبة ماقاله أحمد عباس صالح في مجلة «الكاتبالمصرية» عدد شباط 1965: «عيّن عمر أعضاءمجلس الشورى ليختاروا أحدهم للخلافة، وهم: عبد الرحمن بن عوف، و هو من أغنىالأغنياء، و عثمان أحد أقطاب بني أمية، وسعد بن أبي وقاص من أغنياء قريش، ثم الزبيرمن أثرى أثرياء قريش، ثم طلحة من سراةقريش، و أخيرا علي بن أبي طالب، و كلهم ماعدا عليا في كفة من حيث هواهم السياسي، وعلي وحده في كفة.. و ان وضعهم الطبقي ومصالحهم تجعل لهم مفهوما خاصا للعدلالاجتماعي يختلف مع ما يدعو اليه علي» ايانهم جميعا من طبقة الأغنياء، و علي منالفقراء و مع الفقراء.
و من أقواله: «اضرب بطرفك من حيث شئت منالناس، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا، أوغنيا بدل نعمة اللّه كفرا.. فما جاع فقيرإلا بما متع به غني».