و أبقى، و من أقوال الإمام عليه السلام:الدنيا خلقت لغيرها، و لم تخلق لنفسها (ولم يترككم سدى) بلا تكليف و نذير و بشير (وما بين أحدكم و بين الجنة أو النار إلاالموت أن ينزل به) لا محالة مهما طال عمره،و بلغ نصيبه من الصحة و الجاه و الثراء، وليس بعد الموت إلا الحساب، و الجزاءبالنعيم على عمل الخير، أو الجحيم على فعلالشر.
(و ان غاية تنقصها اللحظة، و تهدمهاالساعة لجديرة بقصر المدة). المرادبالغاية هنا العمر، و بالساعة الموت، لأنالساعة من أسماء القيامة، و من مات فقدقامت قيامته، و المعنى ان عمر الانسانأشبه بالحلم و الخيال ينقص و يقصر معالثواني و اللحظات، و ما فات منه لا ترجىرجعته، ثم يزول بالمرة، و يهدم من الأساسبالموت، و إذا كان العمر على هذه الحال فهوقصير الأمد مهما طال، و العاقل يبادرالفرصة قبل فواتها (و ان غائبا يحدوهالجديدان: الليل و النهار لحري بسرعةالأوبة). المراد بالغائب هنا الموت، وبالأوبة مجرد الإقدام و الإقبال، و ليسالمراد بها الرجوع الذي سبقه الحضور، كييقال: ان الموت لم يكن حاضرا من قبل كي يئوبو يرجع، و مهما يكن فإن المعنى: ان الموتغائب عن الحي، و لكنه قادم عليه بسرعةالليل و النهار اللذين لا يقفان لحظة فمادونها، و من أقوال الإمام: «فإن غدا مناليوم قريب، ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، و أسرع الشهور فيالسنين».
(و ان قادما يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحقلأفضل العدة). المراد بالقادم هنا الموت، وبالفوز النعيم، و بالشقوة الجحيم، وبالعدة الاستعداد بالخيرات و الأعمالالصالحات، و المعنى ان الموت قادم لامحالة، و بسرعة، و لا شيء بعده إلاالهناء أو الشقاء، فأعدوا له عدته منذالآن لأنه لا يمهلكم- اذا جاء- لحظة، و لايدعكم تنطقون بحرف، أو تتنفسون بنفس.