أيّها النّاس إنّا قد أصبحنا في دهر عنود،و زمن كنود، يعدّ فيه المحسن مسيئا، ويزداد الظّالم فيه عتوّا. لا ننتفع بماعلمنا، و لا نسأل عمّا جهلنا، و لا نتخوّفقارعة حتّى تحلّ بنا. فالنّاس على أربعةأصناف: منهم من لا يمنعه الفساد في الأرضإلّا مهانة نفسه و كلالة حدّه و نضيض و فره.و منهم المصلت لسيفه، و المعلن بشرّه، والمجلب بخيله و رجله. قد أشرط نفسه و أوبقدينه، لحطام ينتهزه، أو مقنب يقوده، أومنبر يفرعه. و لبئس المتجر أن ترى الدّنيالنفسك ثمنا، و ممّا لك عند اللّه عوضا. ومنهم من يطلب الدّنيا بعمل الآخرة و لايطلب الآخرة بعمل الدّنيا، قد طامن منشخصه و قارب من خطوه و شمّر من ثوبه و زخرفمن نفسه