(أو لستم أبناء القوم و الآباء و اخوانهم والأقرباء). كل انسان هو ابن أو ابن و أب و أخو قريب لغيره، و ما من أحد إلا و فقد أباهأو ابنه أو واحدا من من أقاربه، و قد رآه فيسكرات الموت و هو يجود بنفسه، و محمولا فيجنازته، و موسدا في لحده، و أيضا بكاه وعزي به، و اذن كيف لا يعتبر و يتعظ بما رأىو سمع (تحتذون أمثلتهم، و تركبون قدتهم، وتطئون جادتهم). اعتبروا و اتعظوا بمن كانقبلكم، فإنكم سالكون مسلكهم، و منتهون الىمصيرهم لا محالة.
(فالقلوب قاسية عن حظها). يقال: أرض قاسيةأي لا تنبت و لا تنتج شيئا، و المراد هنا انقلوبهم لا نصيب لها من حسن الثواب لأنها ماأنتجت شيئا يعود عليها أو على غيرهابالخير (لاهية عن رشدها، سالكة في غيرمضمارها).
أي غافلة ذاهلة عن مصلحتها، و عما يرادبها، و سلكت طريقا تؤدي بها الى الهاوية(كأنّ المعني سواها) من خطاب الإرشاد والهداية (و كأن الرشد في إحراز دنياها)فقط، أما الآخرة فهي نسيا منسيا. و منأقوال الإمام عليه السلام: ما نقص منالدنيا، و زاد في الآخرة خير مما نقص منالآخرة، و زاد في الدنيا، فكم من منقوصرابح، و مزيد خاسر.
و بعد، فإن من يمعن النظر في أقوال الإمامعليه السلام و هو يصف الانسان في دنياه، وفي قبره، ثمّ في موقفه للحساب- لا بد أنيتساءل: لما ذا كل ذلك و هل المراد مجردالتخويف من المعصية، و الترغيب في الطاعة.
و ليس من شك ان كلام الإمام شرح و تفسيرلظاهر القرآن الكريم، و ما زاد عليه شيئا،و العمل بالظاهر هو الأصل، و لا يجوزالعدول عنه إلا بدليل يصرف الكلام عنظاهره، و لا دليل من النقل و لا من العقل، وعليه فحساب القبر حق.