للمنبر- في الرزق:
كتب كثيرا عن الرزق و أسبابه في «التفسيرالكاشف».. أنظر فقرة «الرزق و فسادالأوضاع» في تفسير الآية 66 من سورةالمائدة، و فقرة «هل الرزق صدفة أو قدر» فيتفسير الآية 100 من هذه السورة، و فقرة«الانسان و الرزق» عند تفسير الآية 26 منسورة الرعد، و فقرة «الرزق و الثقةبالمخلوق دون الخالق» عند تفسير الآية 60من سورة العنكبوت، و فقرة «الرزق بالعمللا بالدعاء» عند تفسير الآية 27 من الشورى.و الآن أعود الى هذا الموضوع للمرةالسادسة، و بعد التأمل و التفكير العميق،و تتبع الآيات و الروايات، و بعد التجاربمرات و مرات- انتهيت الى الإيمان القاطعبأنه لا يحدث شيء في الوجود من جليل أوحقير إلا و للّه فيه قضاء و تدبير.
و هذا هو الأصل الأول، و المبدأ الأساسيلعقيدتي في كل الميادين، و فلسفتي لكل بحثأتكلم فيه أيا كان نوعه و موضوعه.
و ليس معنى هذا ان اللّه سبحانه يتولى كلصغيرة و كبيرة بنفسه مباشرة و بلا واسطة،بل معناه ان كل شيء خاضع لسلطانه تعالى،و انه لا شيء يحدث في الأرض و السماء قسرالإرادته، و لكنه، جلت حكمته، شاء أن يربطالمسببات بأسبابها، و النتائج بمقدماتها،و هو تعالى القوة المبدعة لكل مقدمة و سبب،و يعني هذا ان اللّه يقسم الأرزاق، و لكنعن طريق العمل، و يهب الأولاد بواسطةالزواج، و يمنح الشهرة و الجاه لأهل العلمو الموهبة و الخدمات الانسانية.. و هكذا كلجهد يبذله الانسان يمكن أن يحقق النتائجالمقصودة بمشيئة اللّه تعالى، لأنه هوالذي خلق الكون بما فيه، و لو شاء لذهب به وبما يحويه.
و تسأل: أليس معنى هذا ان الانسان مسيّر لامخيّر، و بالتالي انه غير مسئول أماماللّه عن سلوكه و أفعاله الجواب: إن اللّهسبحانه منح الانسان العقل و القدرة والارادة، و بالعقل يميز، و بالقدرة بفعل،و بالإرادة يستطيع أن يختار أحد النجدين:طريق الخير، و طريق الشر: و يسلك أيهما شاء.و على هذا يكون للانسان شيء من الحريةيستتبع المسئولية أمام اللّه.. و قد تكلمناعن ذلك مفصلا في 66 صفحة من كتاب: «فلسفةالتوحيد و الولاية» بعنوان «فلسفةالاختيار».