أريد العلم بالعين بالنسبة إلى البعيدفظاهر ان هذا مما يتعذر، و ان أريد العلمبالجهة بالنسبة إلى البعيد- و الظاهر انههو المراد من كلامهم- فمن الظاهر انه انمايحصل بالاجتهاد الذي غايته الظن فلا معنىلتقديمه و جعل الظن في المرتبة الثانيةبعد تعذره. و اما ما مثلوا به لصور تحصيلالعلم من المعاينة فقد عرفت انه مخصوصبالقريب المتمكن من المشاهدة لا على وجهيستلزم المشقة و العسر. و اما الخبرالمحفوف بالقرائن و الشياع فهو و ان مثلوابهما لإفادة العلم لكن ذلك بالنسبة الىالخبر و هو قبول قول الغير الذي غاية مايفيده هو الظن فإنه قد يفيد العلم إذاانضمت اليه أمارات من خارج أو كان شائعابحيث يفيد العلم، و هذا لا معنى له بالنسبةإلى القبلة و العلم بجهتها للبعيد، فإنهاما ان يرجع الى الأمارات المتقدمة التيذكرها أهل الهيئة للبلدان و غاية ما تفيدهالظن بالجهة، أو قبلة البلد أو المحاريب والقبور و نحو ذلك و غاية الجميع الظن، إلاان يقال بحصول العلم بالجهة بالأماراتالتي ذكرها علماء الهيئة و ليس ببعيد فيخصالعلم به و يجعل الظن في ما عداه مماذكرناه و نحوه، نعم ربما يتم ما ذكر فيمحراب المعصوم (عليه السلام) ان ثبت صلاتهفيه على الهيئة التي هو عليها الآن و دونثبوته شوك القتاد و ان ادعى بعض الأصحابذلك.
قال شيخنا الشهيد في الذكرى: لا اجتهاد فيمحراب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فيجهة القبلة و لا في التيامن و التياسر فإنهمنزل منزلة الكعبة، و روى انه لما أرادنصبه زويت له الأرض فجعله بإزاء الميزاب ولأن النبي (صلّى الله عليه وآله) معصوم لايتصور منه الخطأ و عند من جوزه من العامةلا يقر عليه فهو صواب قطعا فيستقبلهمعاينة و تنصب المحاريب هناك عليه و فيمعنى المدينة كل موضع تواتر ان النبي (صلّىالله عليه وآله) صلى فيه الى جهة معينةمضبوطة الآن، و كذا لا اجتهاد في المسجدالأعظم بالكوفة في التيامن و لا التياسرمثل ما قلناه في مسجد النبي (صلّى اللهعليه