«وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ»و قولهم (عليهم السلام) «يطلقها بحضورعدلين» و «إذا أشهد عدلين» و نحو ذلك هواتصاف الشاهد بالعدالة في حد نفسه و ذاتهلا بالنظر الى غيره، إذ لا يخفى ان قولنافلان عدل و فلان ثقة مثل قولنا فلان عالم وشجاع و جواد و نحو ذلك، و من المعلوم انالمراد في جميع ذلك انما هو اتصافه بهذهالصفات في حد ذاته غاية الأمر انه قديتطابق علم المكلف و الواقع في ذلك و قديختلفان بان يكون كذلك في نظر المكلف و انلم يكن واقعا و حينئذ فيلزم كلا حكمه،فيلزم من اعتقد عدالته بحسب ما يظهر منحاله جواز الاقتداء به مثلا و قبول شهادتهو يلزمه هو عدم جواز الدخول في ذلك و كذايلزم من اطلع على فسقه عدم جواز الاقتداءبه، و حينئذ فإذا كان المراد من الآية والأخبار المشار إليها انما هو اتصافه فيحد ذاته فكيف يجعل المناط في حصول العدالةباعتبار الغير كما توهموه و بنوا عليه مابنوا من الفروع المذكورة؟ و لا ريب انه متىكان ذلك انما هو بالنسبة إليه في حد ذاتهفإنه لا يجوز له الدخول في ما هو مشروطبالعدالة البتة.
و بذلك يظهر لك ما في كلام صاحب المسالك ومن تبعه من الوهن و القصور و لا سيما فيفرضه الثاني و هو ما إذا علم الزوج فسقهمافطلق بحضورهما مع ظهور عدالتهما بين الناسفإنه أوهن من بيت العنكبوت و انه لأوهنالبيوت، و مقتضى تجويزه الطلاق هنا جوازاقتداء من علم فسق الامام به في الصلاة معظهور عدالته بين الناس و هكذا قبول فتواه وأحكامه، و الجميع في البطلان أوضح من أنيحتاج الى بيان عند ذوي الأفهام و الأذهان.و العجب من شيخنا الشيخ سليمان المتقدمذكره في تردده أولا ثم ميله الى ما فيالمسالك من غير إيراد دليل معتمد و لا بيانمستند إلا مجرد التقليد لما في المسالك، ونحوه الفاضل الآخر. و بالجملة فالطلاق فيالصورتين المفروضتين مما لا إشكال فيبطلانه و لا سيما الثانية. و اللَّه العالمبحقائق أحكامه.
لا خلاف بين الأصحاب (رضوان اللَّه عليهم)