الزكاة فعليه أن يؤديها، أجابه عليهالسلام بأن كلام أبي ليس صريحا في ما تدعيهو إنما مراده من قصد الفرار بعد الحول والوجوب فعليه أن يؤدي ما وجب عليه.
و جملة من المتأخرين حملوا تلك الرواياتالأخيرة الدالة على وجوب الزكاة متى قصدالفرار على هذه الرواية بمعنى الوجوب بعدالحول.
و فيه ما عرفت آنفا من ظهور تلك الرواياتفي المعنى الذي ذهب إليه من استدل بها وأنها ظاهرة في كون قصد الفرار قبل الحول، وهو الذي فهمه جملة القائلين بمضمونها، وكذا القائلين بحملها على الاستحباب فإنهلو لا ظهورها في ذلك لما كان لهذاالاستحباب معنى.
و بالجملة فالمسألة لا تخلو من الإشكاللظهور أخبار الطرفين في كل من القولين والظاهر أن أخبار أحد الطرفين إنما خرجتمخرج التقية و إن كان العامة في ذلك علىقولين أيضا، فذهب مالك و أحمد إلى الوجوب والشافعي و أبو حنيفة إلى عدم الوجوب إلاأنه غير معلوم عندي كون التقية في أيالطرفين.
و السيد المرتضى (قدس سره) في الانتصار لمااختار القول بالوجوب كما تقدم في مسألةمعاوضة بعض الأنعام ببعض حمل أخبار عدمالوجوب على التقية إلا أن للخصم أيضا أنيحمل أخبار الوجوب على ذلك أيضا.
و يمكن ترجيح ما ذكره (قدس سره) بأن مذهبأبي حنيفة في زمانه كان مشهورا معمولاعليه بين خلفاء الجور و قضاة ذلك الوقت، وتلامذته المروجون لمذهبه مثل أبي يوسف ونحوه مشهورون أيضا، و أما أحمد و مالكفإنهما في ذلك الوقت ليسا إلا كسائرالعلماء ليس لهما مذهب مشهور و لا قولمذكور و إنما وقع الاصطلاح على مذهبهما معذينك الآخرين في الأعصار الأخيرة في مايقرب من السنة الستمائة كما ذكره علماءالفريقين و بيناه في كتاب سلاسل الحديد. وبذلك يظهر