حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة

یوسف بن أحمد البحرانی

جلد 12 -صفحه : 489/ 191
نمايش فراداده

النهاية جواز الدفع إلى المديون و إن كانعنده ما يفي بدينه إذا كان بحيث لو دفعهيصير فقيرا لانتفاء الفائدة في أن يدفعماله ثم يأخذ الزكاة باعتبار الفقر. قال فيالمدارك بعد نقله عنه: و مقتضى كلامه أنالأخذ و الحال هذه يكون من سهم الغارمين، وهو غير بعيد لإطلاق الآية و عدم صدق التمكنمن أداء الدين عرفا بذلك. انتهى.

أقول: لا ريب أن ما ذكروه من أنه يعتبر فيالغارم أن يكون غير متمكن من الأداء هومقتضى الأخبار التي ذكرناها فالأولى فيالاستدلال على ما ذكروه هو الاستنادإليها، إلا أنهم (رضوان اللَّه عليهم) لميلموا في هذا المقام بشي‏ء منها و لاذكروا منها شيئا بالمرة فلذا عللوا الحكمالمذكور بما ذكروه، و هو من حيث الاعتبارلا يخلو من قوة إلا أنك قد عرفت في غير موضعأن أمثال هذه التعليلات العقلية لا تصلحمجردة عن الأخبار لتأسيس الأحكام الشرعية.

و أما ما ذكره العلامة من جواز الدفع إلىالمديون و إن كان عنده ما يفي بدينه فظواهرالأخبار التي ذكرناها تأباه و ترده و لاسيما الخبر الأول فإنه صريح في ذلك و ماذكره في المدارك- من أنه غير بعيد لإطلاقالآية. إلى آخر كلامه- ينافي ما صرح به أولامن ما نقلناه عنهم من أنه يعتبر في الغارمأن يكون غير متمكن من الأداء. إلى آخر مانقلناه عنهم، فإن هذا الكلام ظاهر في أنهملم يعملوا على إطلاق الآية بل قيدوها بعدمالتمكن، و لا ريب أن هذا متمكن كما هوالمفروض و تعليلهم الذي ذكروه أظهر ظاهرفي ذلك.

و أما ما ذكره من عدم صدق التمكن من أداءالدين عرفا فهو ممنوع أشد المنع، و كيف لايكون متمكنا و عنده ما يفي بدينه كما هوالمفروض، و إنما يتعللون بأنه بعد الدفعفي الدين يكون فقيرا محتاجا إلى الزكاة.

و هذا لا يصلح وجها لما اعتمده (أما أولا)فلأن اللَّه تعالى ضامن للرزق فلعل اللَّهتعالى بسبب حسن نيته في قضاء دينه والمسارعة إلى فكاك عنقه بما عنده يعجل لهبالرزق من حيث لا يحتسب و لا يحتاج إلىالزكاة.