حدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة

یوسف بن أحمد البحرانی

جلد 18 -صفحه : 494/ 17
نمايش فراداده

هذا إذا لم يمكن الجمع بين الأمرين، والأوجب الجمع بقدر الإمكان في الواجبين. وباقي الصور يعرف بالمقايسة.

و لا يخفى ان ما ذكرناه في هذا المقام و انكان خارجا عن موضوع الكتاب، الا ان فيهفوائد جمة، لا تخفى على ذوي الأفهام والألباب و الله العالم.

الفائدة الثانية [في أن فساد الناس يوجبجور الحكام عليهم‏‏]

قد عرفت مما قدمناه من الاخبار و مثلهاغيرها مما لم نذكره، الدلالة على وجوب طلبالرزق، و استحباب جمع المال بتجارة كان أوزراعة أو صناعة، مع انا نرى في هذه الأوقاتو لا سيما في أرض العراق زيادة جورالسلاطين و ظلمهم على من اشتغل بشي‏ء منذلك حتى آل الأمر إلى تركهم ذلك أو الفرارمن ديارهم الى بعض الأقطار و منه يحصلالإشكال في العمل بتلك الاخبار، اللهم الاان يقال: ان السبب التام في تعدى الحكامعلى أولئك الأنام، انما هو تعديهم الحدودالشرعية و الأحكام، في أعمالهم أو غيرها،و عدم القيام بما أوجبه الملك العلام.

و يدل عليه ما رواه الصدوق في كتابالمجالس بسنده عن النبي صلّى الله عليهوآله وسلّم قال:

قال الله تعالى: «انا خلقت الملوك وقلوبهم بيدي، فأيما قوم أطاعوني جعلت قلوبالملوك عليهم رحمة، و أيما قوم عصوني،جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة. الا لاتشغلوا أنفسكم بسبب المملوك. توبوا الى،أعطف قلوبهم عليكم».

و هو كما ترى ظاهر الدلالة واضح المقالة،في ان تسلط الملوك عليهم و ظلمهم لهم انمانشأ من ظلمهم أنفسهم، و تعديهم الحدودالشرعية، و من ثم منعهم من سب الملوك وتظلمهم من الحكام، فإنه سبحانه هو الذيسلطهم عليهم، و أمرهم بالتوبة و الإنابة،ليعطف قلوب الحكام عليهم.

و يؤيده ما ورد في بعض الاخبار التي لايحضرني الان موضعها، من قوله تعالى: