و ليس كذلك في قولك مررت برجل أضربه لأنهلا يتخصص بالضرب في الأمر كما يتخصصبالخبر" كان" خففت النون لأنك أردت كأنهفحذفت الهاء و صارت" لم" عوضا مما حذفت منهقوله «كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ» جملة اعترضت بينالمفعول و فعله فإن قوله «يا لَيْتَنِيكُنْتُ مَعَهُمْ» في موضع نصب بكونه مفعوليقولن كما أن قوله «قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُعَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْشَهِيداً» في موضع نصب بكونه مفعول قال وقوله «فَأَفُوزَ» منصوب على جواب التمنيبالفاء و انتصابه بإضمار أن فيكون عطف اسمعلى اسم و تقديره يا ليتني كان لي حضورمعهم ففوز و لو كان العطف على ظاهره لكانيا ليتني معهم ففزت.
قيل أنها نزلت في المؤمنين لأنه خاطبهمبقوله «وَ إِنَّ مِنْكُمْ» و قد فرق بينالمؤمنين و المنافقين بقوله ما هُمْمِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ و قال أكثرالمفسرين نزلت في المنافقين و إنما جمعبينهم في الخطاب من جهة الجنس و النسب لامن جهة الإيمان و هو اختيار الجبائي.
لما حث الله على الجهاد بين حال المتخلفينعنه فقال «وَ إِنَّ مِنْكُمْ» خاطبالمؤمنين ثم أضاف المنافقين إليهم فقال«لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ» أي هم منكم فيالحال الظاهرة أو في حكم الشريعة من حقنالدم و المناكحة و الموارثة و قيل منكم أيمن عدادكم و دخلائكم و يبطئ و يبطئبالتشديد و التخفيف معناهما واحد أي منيتأخر عن الخروج مع النبي (ص) «فَإِنْأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ» فيه من قتل أوهزيمة قال قول الشامت المسرور بتخلفه«قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّإِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً» أيشاهدا حاضرا في القتال فكان يصيبني ماأصابهم و قال الصادق لو إن أهل السماء و الأرضقالوا قد أنعم الله علينا إذ لم نكن معرسول الله لكانوا بذلك مشركين «وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَاللَّهِ» أي فتح أو غنيمة «لَيَقُولَنَّ»يتحسر و يقول يا لَيْتَنِي كُنْتُمَعَهُمْ و قوله «كَأَنْ لَمْ تَكُنْبَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ»اعتراض يتصل بما تقدمه قال و تقديره قال قدأنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا كأن لمتكن بينكم و بينه مودة أي لا يعاضدكم علىقتال عدوكم و لا يراعي الذمام الذي بينكمعن أبي علي الفارسي و قيل أنه اعتراض بينالقول و التمني و تقديره ليقولن «يالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ» منالغنيمة «فَوْزاً عَظِيماً» كأنه ليسبينكم و بينه مودة أي يتمنى الحضور لالنصرتكم و إنما يتمنى النفع لنفسه