وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِيَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراًوَ سَعَةً وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِمُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْوَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ كانَاللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)
المهاجرة المفارقة و أصله من الهجر الذيهو ضد الوصل و المراغم المضطرب في البلاد والمذهب و أصله من الرغام و هو التراب ومعنى راغمت فلانا هاجرته و لم أبال رغمأنفه أي و إن لصق بالتراب أنفه و أرغم اللهأنفه ألصقه بالتراب و قيل أصله الذل والشدة و المراغم المعادي الذي يروم إذلالصاحبه و منه الحديث إذا صلى أحدكم فيلزم جبينه و أنفهالأرض حتى يخرج منه الرغم أي حتى يذل و يخضع لله تعالى و فعلته علىرغمه أي على ذلة بما يكره و أرغم الله أنفهأذله و المراغم الموضع و المصدر منالمراغمة قال:
قيل لما نزلت آيات الهجرة سمعها رجل منالمسلمين و هو جندع أو جندب بن ضمرة و كانبمكة فقال و الله ما أنا مما استثنى اللهإني لأجد قوة و إني لعالم بالطريق و كانمريضا شديد المرض فقال لبنيه و الله لاأبيت بمكة حتى أخرج منها فإني أخاف أن أموتفيها فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغالتنعيم مات فنزلت الآية عن أبي حمزةالثمالي و عن قتادة و عن سعيد بن جبير و قالعكرمة و خرج جماعة من مكة مهاجرين فلحقهمالمشركون و فتنوهم عن دينهم فافتتنوافأنزل الله فيهم «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْيَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذاأُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَالنَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ» فكتب بهاالمسلمون إليهم ثم نزلت فيهم «ثُمَّ إِنَّرَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُواإِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌرَحِيمٌ».
ثم قال سبحانه «وَ مَنْ يُهاجِرْ» يعنييفارق أهل الشرك و يهرب بدينه من وطنه إلىأرض الإسلام «فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أي فيمنهاج دين الله و طريقه الذي شرعه لخلقه«يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماًكَثِيراً وَ سَعَةً» أي متحولا من الأرض وسعة في الرزق عن ابن عباس و الضحاك والربيع و قيل مزحزحا عما يكره و سعة منالضلالة إلى الهدى عن مجاهد و قتادة و قيلمهاجرا فسيحا متسعا مما كان فيه من تضييقالمشركين عليه «وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْبَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» أخبر سبحانه إن من خرج من بلدهمهاجرا من أرض الشرك فارا بدينه إلى الله ورسوله «ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ» قبلبلوغه دار الهجرة و أرض الإسلام «فَقَدْوَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» أي ثوابعمله و جزاء هجرته على الله تعالى «وَ كانَاللَّهُ