وَ لا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَيَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَلا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً(107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَ لايَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَ هُوَمَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لايَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَ كانَ اللَّهُبِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) هاأَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْفِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُاللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِأَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً(109)
المخاصمة و المجادلة و المناظرة والمحاجة نظائر و إن كان بينها فرق فإنالمجادلة هي المنازعة فيما وقع فيه خلافبين اثنين و المخاصمة المنازعة بالمخالفةبين اثنين على وجه الغلظة و المناظرة فيمايقع بين النظيرين و المحاجة في محاولةإظهار الحجة و أصل المجادلة من الجدل و هوشدة الفتل و رجل مجدول كأنه قد جدل أي فتل والأجدل الصقر لأنه من أشد الطيور قوة والتبييت التدبير للشيء بالليل لأن ذلكيكون في وقت رواح الناس إلى بيوتهم.
ها للتنبيه و أعيدت في أولاء و المعنى هاأنتم الذين جادلتم عنهم لأن هؤلاء و هذايكونان في الإشارة للمخاطبين إلى أنفسهمبمنزلة الذين و قد يكونان لغير المخاطبينبمنزلة الذين نحو قول الشاعر:
أي و الذي تحملين طليق.
نزلت الآيات في القصة التي ذكرناها قبل.
ثم نهى تعالى عن المجادلة و الدفع عن أهلالخيانة مؤكدا لما تقدم فقال «وَ لاتُجادِلْ» قيل الخطاب للنبي (ص) حين هم أنيبرئ أبا طعمة لما أتاه قوم ينفون عنهالسرقة و قيل الخطاب له و المراد قومه وقيل تقديره و لا تجادل أيها الإنسان «عَنِالَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ» أييخونون أنفسهم و يظلمونها أراد من سرقالدرع و من شاركه في السرقة و الخيانة وقيل أنه أراد به قومه الذين مشوا معه إلىالنبي و شهدوا له بالبراءة عما نسب إليه منالسرقة و قيل أراد به السارق و قومه و من هوفي معناهم و إنما قال «يَخْتانُونَأَنْفُسَهُمْ» و إن خانوا غيرهم لأن ضررخيانتهم كأنه راجع إليهم لاحق بهم كماتقول لمن ظلم غيره ما ظلمت إلا نفسك وكقوله تعالى «إِنْ أَحْسَنْتُمْأَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ» «إِنَّاللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناًأَثِيماً» هو فعال الخيانة أي من كان كثيرالخيانة و قد ألفها و اعتادها و قد يطلقالخوان على الخائن في شيء واحد إذا عظمتتلك الخيانة و الأثيم فاعل الإثم و قيلمعناه لا يحب