الذين يقرون بوحدانيته و يعملون بطاعتهأنه يوفيهم أجورهم و يؤتيهم جزاء أعمالهمالصالحة وافيا تاما «وَ يَزِيدُهُمْ مِنْفَضْلِهِ» أي يزيدهم على ما كان وعدهم بهمن الجزاء على أعمالهم الحسنة و الثوابعليها من الفضل و الزيادة ما لم يعرفهممبلغه لأنه وعد على الحسنة عشر أمثالها منالثواب إلى سبعين ضعفا و إلى سبعمائة و إلىالأضعاف الكثيرة و الزيادة على المثل تفضلمن الله تعالى عليهم «وَ أَمَّا الَّذِينَاسْتَنْكَفُوا» أي أنفوا عن الإقراربوحدانيته «وَ اسْتَكْبَرُوا» أي تعظمواعن الإذعان له بالطاعة و العبودية«فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً» أيمؤلما موجعا «وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْدُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً»أي و لا يجد المستنكفون المستكبرونلأنفسهم وليا ينجيهم من عذابه و ناصراينقذهم من عقابه.
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْبُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْناإِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّاالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِيرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاًمُسْتَقِيماً (175)
البرهان الشاهد بالحق و قيل البرهانالبيان يقال برهن قوله أي بينه بحجة والاعتصام الامتناع و اعتصم فلان بالله أيامتنع من الشر به و العصمة من الله دفعالشر عن عبده و اعتصمت فلانا هيئت له مايعتصم به و العصمة من الله تعالى على وجهين(أحدهما) بمعنى الحفظ و هو أن يمنع عبده كيدالكائدين كما قال سبحانه لنبيه (ص) وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (والآخر) أن يلطف بعبده بشيء يمتنع عنده منالمعاصي.
«صِراطاً» انتصب على أنه مفعول ثانليهديهم فهو على معنى يعرفهم صراطا و يجوزأن يكون حالا من الهاء في إليه بمعنى ويهديهم إلى الحق صراطا.
لما فصل الله ذكر الأحكام التي يجب العملبها ذكر البرهان بعد ذلك ليكون الإنسانعلى ثقة و يقين فقال «يا أَيُّهَاالنَّاسُ» و هو خطاب للمكلفين من سائرالملل الذين قص قصصهم في هذه السورة «قَدْجاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ» أيأتاكم حجة من الله يبرهن لكم عن صحة ماأمركم به و هو محمد لما معه من المعجزاتالقاهرة الشاهدة بصدقة و قيل هو القرآن«وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ» معه «نُوراًمُبِيناً» يبين لكم الحجة الواضحة ويهديكم إلى