روي أن وفد نجران قالوا لنبينا يا محمد لمتعيب صاحبنا قال و من صاحبكم قالوا عيسى (ع)قال و أي شيء أقول فيه قالوا تقول أنه عبدالله و رسوله فنزلت الآية.
المعنى
لما تقدم ذكر النصارى و الحكاية عنهم فيأمر المسيح عقبه سبحانه بالرد عليهم فقال«لَنْ يَسْتَنْكِفَ» أي لن يأنف و لميمتنع «الْمَسِيحُ» يعني عيسى (ع) من «أَنْيَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَاالْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ» أي و لاالملائكة المقربون يأنفون و يستكبرون عنالإقرار بعبوديته و الإذعان له بذلك والمقربون الذين قربهم تعالى و رفع منازلهمعلى غيرهم من خلقه «وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْعَنْ عِبادَتِهِ» أي من يأنف عن عبادته«وَ يَسْتَكْبِرْ» أي يتعظم بترك الإذعانلطاعته «فَسَيَحْشُرُهُمْ» أي فسيبعثهم«إِلَيْهِ» يوم القيامة «جَمِيعاً»يجمعهم لموعدهم عنده و معنى قوله«إِلَيْهِ» أي إلى الموضع الذي لا يملكالتصرف فيه سواه كما يقال صار أمر فلان إلىالأمير أي لا يملكه غير الأمير و لا يرادبذلك المكان الذي فيه الأمير و استدل بهذهالآية من قال بأن الملائكة أفضل منالأنبياء قالوا إن تأخير ذكر الملائكة فيمثل هذا الخطاب يقتضي تفضيلهم لأن العادةلم تجر بأن يقال لن يستنكف الأمير أن يفعلكذا و لا الحارس بل يقدم الأدون و يؤخرالأعظم فيقال لن يستنكف الوزير أن يفعلكذا و لا السلطان و هذا يقتضي فضل الملائكةعلى الأنبياء و أجاب أصحابنا عن ذلك بأنقالوا إنما أخر ذكر الملائكة عن ذكرالمسيح لأن جميع الملائكة أفضل و أكثرثوابا من المسيح و هذا لا يقتضي أن يكون كلواحد منهم أفضل من المسيح و إنما الخلاف فيذلك و أيضا فإنا و إن ذهبنا إلى أنالأنبياء أفضل من الملائكة فإنا نقول معقولنا بالتفاوت أنه لا تفاوت في الفضل بينالأنبياء و الملائكة و مع التقارب والتداني يحسن أن يقدم ذكر الأفضل أ لا ترىأنه يحسن أن يقال ما يستنكف الأمير فلان منكذا و لا الأمير فلان إذا كانا متساويين فيالمنزلة أو متقاربين و إنما لا يحسن أنيقال ما يستنكف الأمير فلان من كذا و لاالحارس لأجل التفاوت «فَأَمَّا الَّذِينَآمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِفَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ» و يؤتيهمجزاء أعمالهم وعد الله