أثابهم أي جازاهم و أصل الثواب الرجوع والإحسان إيصال النفع الحسن إلى الغير وضده الإساءة و هو إيصال الضرر القبيح إليهو ليس كل من كان من جهته إحسان فهو محسنمطلقا فالمحسن فاعل الإحسان بشرط أن يكونخاليا من وجود القبح و الجحيم النارالشديدة الإيقاد و هو هنا اسم من أسماءجهنم و جحم فلان النار إذا شدد إيقادها ويقال لعين الأسد جحمة لشدة إيقادها قال:" و الحرب لا يبقى لجاحمها التخيل والمراح"
المعنى
«فَأَثابَهُمُ» أي جازاهم «اللَّهُ بِماقالُوا» أي بالتوحيد عن الكلبي و على هذافإنما علق الثواب بمجرد القول لأنه قد سبقمن وصفهم ما يدل على إخلاصهم فيما قالوه وهو المعرفة في قوله مِمَّا عَرَفُوا مِنَالْحَقِّ و البكاء المؤذن بحقيقة الإخلاصو استكانة القلب و معرفته و القول إذااقترن به المعرفة و الإخلاص فهو الإيمانالحقيقي الموعود عليه الثواب و قيل إنالمراد بما قالوا ما سألوا يعني قولهفَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا الآية عن عطاءعن ابن عباس و على هذا فيكون القول معناهالمسألة للجنة «جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْتَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها»مر تفسيره «وَ ذلِكَ جَزاءُالْمُحْسِنِينَ» أي المؤمنين عن الكلبي والموحدين عن ابن عباس «وَ الَّذِينَكَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِناأُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ» لما ذكرسبحانه الوعد لمؤمنيهم ذكر الوعيد لمن كفرمنهم و كذب و أطلق اللفظ به ليكون لهم و لمنجرى مجراهم في الكفر و إنما شرط في الوعيدعلى الكفر التكذيب بالآيات و إن كان كلمنهما يستحق به العقاب لأن صفة الكفار منأهل الكتاب أنهم يكذبون بالآيات فلم يصحهاهنا أو كذبوا لأنهم جمعوا الأمرين و ليسمن شرط المكذب أن يكون عالما بأن ما كذب بهصحيح بل إذا اعتقد أن الخبر كذب سمي مكذباو إن لم يعلم أنه كذب و إنما يستحق به الذملأنه جعل له طريق إلى أن يعلم صحة ما كذببه.