قد ذكرنا الاختلاف بين القراء في نعما ووجوه قراءتهم و حججها في سورة البقرة.
اللغة
يقال أديت الشيء تأدية و قد يوضع الأداءموضع التأدية فيقام الاسم مقام المصدر والسميع هو من كان على صفة يجب لأجلها أنيسمع المسموعات إذا وجدت و البصير من كانعلى صفة يجب لأجلها أن يبصر المبصرات إذاوجدت و السامع هو المدرك للمسموعات والمبصر هو المدرك للمبصرات و لهذا يوصفالقديم فيما لم يزل بأنه سميع بصير و لايوصف في القدم بأنه سامع مبصر.
الإعراب
قوله «نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ» تقديرهنعم شيئا شيء يعظكم به فيكون شيئا تبيينالاسم الجنس المضمر الذي هو فاعل نعم والمخصوص بالمدح قد حذف و أقيمت صفته مقامهو قوله «نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ» جملةفي موضع رفع بأنه خبر أن.
المعنى
ثم أمر سبحانه بأداء الأمانة فقال «إِنَّاللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّواالْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» قيل فيالمعنى بهذه الآية أقوال (أحدها) أنها في كل من اوتمن أمانة من الأمانات وأمانات الله أوامره و نواهيه و أماناتعباده فيما يأتمن بعضهم بعضا من المال وغيره عن ابن عباس و أبي بن كعب و ابن مسعودو الحسن و قتادة و هو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) (و ثانيها) إن المراد به ولاة الأمر أمرهمالله أن يقوموا برعاية الرعية و حملهم علىموجب الدين و الشريعة عن زيد بن أسلم ومكحول و شهر بن حوشب و هو اختيار الجبائي ورواه أصحابنا عن أبي جعفر الباقر و أبي عبد الله الصادققالا أمر الله تعالى كل واحد من الأئمة أنيسلم الأمر إلى من بعده، و يعضده أنهسبحانه أمر الرعية بعد هذا بطاعة ولاةالأمر و روي عنهم أنهم قالوا آيتان إحداهما لنا والأخرى لكم قال الله «إِنَّ اللَّهَيَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّواالْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» الآية ثمقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواأَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُواالرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِمِنْكُمْ» الآية و هذا القول داخل في القول الأول لأنه منجملة ما ائتمن الله عليه الأئمة الصادقينو لذلك قال أبو جعفر (ع) إن أداء الصلاة و الزكاة والصوم و الحج من الأمانة و يكون من جملتهاالأمر لولاة الأمر بقسم الصدقات و الغنائمو غير ذلك مما يتعلق به حق الرعية و قد عظم الله سبحانه أمر الأمانة بقوله«يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ» و قوله«لا تَخُونُوا اللَّهَ