إنما قال «بِذاتِ الصُّدُورِ» على لفظالتأنيث لأن المراد بذلك المعاني التي تحلالقلوب و لم يقل ذوات لينبىء عن التفصيلفي كل ذات.
المعنى
لما قدم سبحانه ذكر بيان الشرائع عقبهبتذكير نعمه فقال «وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَاللَّهِ عَلَيْكُمْ» و لم يقل نعم اللهللإشعار بعظم النعمة لا من جهة التضعيف إذكل نعمة لله فإنه يستحق عليها أعظم الشكرلكونها أصل النعم إذ هي مثل الخلق و الحياةو العقل و الحواس و القدرة و الآلات و قيلبل لأنه ذهب مذهب الجنس في ذلك و جملةالنعم تسمى نعمة كما إن قطاعا من الأرضتسمى أرضا «وَ مِيثاقَهُ الَّذِيواثَقَكُمْ بِهِ» قيل فيه أقوال (أحدها) أنمعناه ما أخذ عليهم رسول الله (ص) عندإسلامهم و بيعتهم بأن يطيعوا الله في كل مايفرضه عليهم مما ساءهم أو سرهم عن ابن عباسو السدي (و ثانيها) إن المراد بالميثاق ما بين لهم في حجةالوداع من تحريم المحرمات و كيفية الطهارةو فرض الولاية و غير ذلك عن أبي الجارود عنأبي جعفر (ع) و هذا داخل في القول الأول إذ هو بعض مافرض الله تعالى (و ثالثها) إن المراد بهمتابعتهم للنبي (ص) يوم بيعة العقبة و بيعةالرضوان عن أبي علي الجبائي (و رابعها) إنمعناه ما أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدمو أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلىعن مجاهد و هذا أضعف الأقوال «إِذْقُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا» يعنيسمعنا ما تقول و أطعناك فيما سمعنا «وَاتَّقُوا اللَّهَ» مضى بيانه «إِنَّاللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» أيبما تضمرونه في صدوركم من المعاني والمراد بالصدور هاهنا القلوب و إنما جازذلك لأن موضع القلب الصدر.