ثم ذكر تعالى تزكية هؤلاء أنفسهم مع كفرهمو تحريفهم الكتاب فقال «أَ لَمْ تَرَ»معناه أ لم تعلم و قيل أ لم تخبر و هو سؤالعلى وجه الإعلام و تأويله أعلم قصتهم أ لمينته علمك «إِلَى» هؤلاء «الَّذِينَيُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ» أي يمدحونها ويصفونها بالزكاة و الطهارة بأن يقولوا نحنأزكياء و قيل هو تزكية بعضهم بعضا عن ابنمسعود و إنما قال «أَنْفُسَهُمْ» لأنهمعلى دين واحد و هم كنفس واحدة «بَلِاللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ» رد اللهذلك عليهم و بين أن التزكية إليه يزكي منيشاء أي يطهر من الذنب من يشاء و قيل معناهيقبل عمله فيصير زكيا و لا يزكي اليهود بليعذبهم «وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا»معناه لا يظلمون في تعذيبهم و ترك تزكيتهمفتيلا أي مقدار فتيل و ذكر الفتيل مثلا واختلف في معناه فقيل هو ما يكون في شقالنواة عن ابن عباس و مجاهد و عطا و قتادة وقيل الفتيل ما في بطن النواة و النقير ماعلى ظهرها و القطمير قشرها عن الحسن و قيلالفتيل ما فتلته بين إصبعيك من الوسخ عنابن عباس و أبي مالك و السدي و في هذه الآيةدلالة على تنزيه الله عن الظلم و إنما ذكرالفتيل ليعلم أنه لا يظلم قليلا و لا كثيرا«انْظُرْ» يا محمد «كَيْفَ يَفْتَرُونَعَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» في تحريفهمكتابه و قيل في تزكيتهم أنفسهم و قولهم نحنأبناء الله و أحباؤه و لَنْ يَدْخُلَالْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْنَصارى عن ابن جريج «وَ كَفى بِهِ» أيكفى هو «إِثْماً مُبِيناً» أي وزرا بينا وإنما قال «كَفى بِهِ» في العظم على جهةالمدح أو الذم يقال كفى بحال المؤمن نيلا وكفى بحال الكافر خزيا فكأنه قال ليس يحتاجإلى حال أعظم منه و يحتمل أن يكون معناهكفى هذا إثما أي ليس يقصر عن منزلة الإثم.