ثم عطف سبحانه على ما تقدم بقوله«فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا» أيمن اليهود معناه فبما ظلموا أنفسهمبارتكاب المعاصي التي تقدم ذكرها و قد مضىفيما تقدم عن الزجاج أنه قال «فَبِظُلْمٍمِنَ الَّذِينَ هادُوا» بدل من قولهفبنقضهم ميثاقهم و ما بعده و العامل فيالباء قوله «حَرَّمْنا عَلَيْهِمْطَيِّباتٍ» و لكنه لما طال الكلام أجمل فيقوله «فَبِظُلْمٍ» ما ذكره قبل و أخبر أنهحرم على اليهود الذين نقضوا ميثاقهم الذيواثقوا الله عليه و كفروا بآياته و قتلواأنبياءه و قالوا على مريم بهتانا عظيما وفعلوا ما وصفه الله طيبات من المأكل وغيرها «أُحِلَّتْ لَهُمْ» أي كانت حلالالهم قبل ذلك فلما فعلوا ما فعلوا اقتضتالمصلحة تحريم هذه الأشياء عليهم عن مجاهدو أكثر المفسرين و قال أبو علي الجبائي حرمالله سبحانه هذه الطيبات على الظالمينمنهم عقوبة لهم على ظلمهم و هي ما بين فيقوله تعالى «وَ عَلَى الَّذِينَ هادُواحَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَالْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ» الآية «وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِكَثِيراً» أي و بمنعهم عباد الله عن دينه وسبيله التي شرعها لعباده صدا كثيرا و كانصدهم عن سبيل الله تقولهم على الله الباطلو ادعائهم أن ذلك عن الله و تبديلهم كتابالله و تحريفهم معانيه عن وجوهه و أعظم منذلك كله جحدهم نبوة محمد (ص) و تركهم بيانما علموه من أمره لمن جهله من الناس عنمجاهد و غيره «وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَوا»أي ما فضل على رءوس أموالهم بتأخيرهم له عنمحله إلى أجل آخر «وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ»أي عن الربا «وَ أَكْلِهِمْ أَمْوالَالنَّاسِ بِالْباطِلِ» أي بغير استحقاق ولا استيجاب و هو ما كانوا يأخذونه من الرشىفي الأحكام كقوله وَ أَكْلِهِمُالسُّحْتَ و ما كانوا يأخذونه من أثمانالكتب التي كانوا يكتبونها بأيديهم ويقولون هذا من عند الله و ما أشبه ذلك منالمأكل الخبيثة عاقبهم الله تعالى علىجميع ذلك بتحريم ما حرم عليهم من الطيبات«وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ»أي هيأنا يوم القيامة لمن جحد الله أوالرسل من هؤلاء اليهود «عَذاباًأَلِيماً» أي مؤلما موجعا و اختلف في أنالتحريم هل كان