لما بين سبحانه حكم الرجال و النساء فيباب النكاح و الميراث بين حكم الحدود فيهنإذا ارتكبن الحرام فقال «وَ اللَّاتِييَأْتِينَ الْفاحِشَةَ» أي يفعلن الزنا«مِنْ نِسائِكُمْ» الحرائر فالمعنىاللاتي يزنين «فَاسْتَشْهِدُواعَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» أي منالمسلمين يخاطب الحكام و الأئمة و يأمرهمبطلب أربعة من الشهود في ذلك عند عدمالإقرار و قيل هو خطاب للأزواج في نسائهمأي فأشهدوا عليهن أربعة منكم و قال أبومسلم المراد بالفاحشة في الآية هنا الزناأن تخلو المرأة في الفاحشة المذكورة عنهنو هذا القول مخالف للإجماع و لما عليهالمفسرون فإنهم أجمعوا على أن المرادبالفاحشة هنا الزنا «فَإِنْ شَهِدُوا»يعني الأربعة «فَأَمْسِكُوهُنَّ» أيفاحبسوهن «فِي الْبُيُوتِ حَتَّىيَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ» أي يدركهنالموت فيمتن في البيوت و كان في مبدإالإسلام إذا فجرت المرأة و قام عليهاأربعة شهود حبست في البيت أبدا حتى تموت ثمنسخ ذلك بالرجم في المحصنين و الجلد فيالبكرين «أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّسَبِيلًا» قالوا لما نزل قوله الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِيفَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمامِائَةَ جَلْدَةٍ قال النبي (ص) خذوا عنيخذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكربالبكر جلد مائة و تغريب عام و الثيببالثيب جلد مائة و الرجم و قال بعض أصحابنا إن من وجب عليه الرجميجلد أولا ثم يرجم و به قال الحسن و قتادة وجماعة من الفقهاء و قال أكثر أصحابنا إنذلك يختص بالشيخ و الشيخة فأما غيرهمافليس عليه غير الرجم و حكم هذه الآية منسوخ عند جمهور المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله و قال بعضهم إنه غير منسوخ لأن الحبس لميكن مؤبدا بل كان مستندا إلى غاية فلا يكونبيان الغاية نسخا له كما لو قال افعلوا كذاإلى رأس الشهر و قد فرق بين الموضعين فإنالحكم المعلق بمجيء رأس الشهر لا يحتاجإلى بيان صاحب الشرع بخلاف ما في الآية وقوله «وَ الَّذانِ يَأْتِيانِهامِنْكُمْ» أي يأتيان الفاحشة و فيه ثلاثةأقوال (أحدها) أنهما الرجل و المرأة عنالحسن و عطا (و ثانيها) أنهما البكران منالرجال و النساء عن السدي و ابن زيد (وثالثها) أنهما الرجلان الزانيان عن مجاهدو هذا لا يصح لأنه لو كان كذلك لما كانللتثنية معنى لأن الوعد و الوعيد إنمايأتي بلفظ الجمع فيكون لكل واحد منهم أوبلفظ الواحد لدلالته على الجنس فأماالتثنية فلا فائدة فيها و قال أبو مسلم هماالرجلان يخلوان بالفاحشة بينهما والفاحشة في الآية الأولى عنده السحق و فيالآية الثانية اللواط فحكم الآيتين عندهثابت غير منسوخ و إلى هذا التأويل ذهب أهلالعراق فلا حد عندهم في اللواط و السحق وهذا بعيد لأن الذي عليه جمهور المفسرين أنالفاحشة في آية الزنا و أن الحكم في الآيةمنسوخ بالحد المفروض في سورة النور ذهبإليه الحسن و مجاهد