المؤمنين عن ذلك فقال «يا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا» أي يا أيها المؤمنون«لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّاللَّهُ لَكُمْ» و هو يحتمل وجوها منها أنيريد لا تعتقدوا تحريمها و منها أن يريد لاتظهروا تحريمها و منها أن يريد لا تحرموهاعلى غيركم بالفتوى و الحكم و منها أن يريدلا تجروها مجرى المحرمات في شدة الاجتنابو منها أن يريد لا تلتزموا تحريمها بنذر أويمين فوجب حمل الآية على جميع هذه الوجوه والطيبات اللذيذات التي تشتهيها النفوس وتميل إليها القلوب و قد يقال الطيب بمعنىالحلال كما يقال يطيب له كذا أي يحل له و لايليق ذلك بهذا الموضع «وَ لا تَعْتَدُوا»أي لا تتعدوا حدود الله و أحكامه و قيلمعناه لا تجبوا أنفسكم فسمي الخصاء اعتداءعن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الأول أعمفائدة «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّالْمُعْتَدِينَ» معناه يبغضهم و يريدالانتقام منهم «وَ كُلُوا مِمَّارَزَقَكُمُ اللَّهُ» لفظه أمر و المراد بهالإباحة «حَلالًا طَيِّباً» أي مباحالذيذا و يسأل هنا فيقال إذا كان الرزق كلهحلالا فلم قيد هاهنا فقال حلالا و الجوابأنه إنما ذكر حلالا على وجه التأكيد كماقال وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسىتَكْلِيماً و قد أطلق الله تعالى في موضعآخر على وجه المدح و هو قوله وَ مِمَّارَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ و قال ابن عباسيريد من طيبات الرزق اللحم و غيره «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِمُؤْمِنُونَ» هذا استدعاء إلى التقوىبألطف الوجوه و تقديره أيها المؤمنونبالله لا تضيعوا إيمانكم بالتقصير فيالتقوى فيكون عليكم الحسرة العظمى و اتقوافي تحريم ما أحل الله لكم و في جميع معاصيهمن يؤمنون و هو الله تعالى و في هاتينالآيتين دلالة على كراهة التخلي و التفردو التوحش و الخروج عما عليه الجمهور فيالفاعل و طلب الولد و عمارة الأرض و قد روي أن النبي (ص) كان يأكل الدجاج والفالوذج و كان يعجبه الحلواء الحلال وقال إن المؤمن حلو يحب الحلاوة و قال إن فيبطن المؤمن زاوية لا يملؤها إلا الحلواء و روي أن الحسن كان يأكل الفالوذج فدخلعليه فرقد السبخي فقال يا فرقد ما تقول فيهذا فقال فرقد لا آكله و لا أحب أكله فأقبلالحسن على غيره كالمتعجب و قال لعاب النحلبلباب البر مع سمن البقر هل يعيبه مسلم.