الله تعالى ذلك فيهما و المعنى يريدالشيطان إيقاع العداوة بينكم بالإغواءالمزين لكم ذلك حتى إذا سكرتم زالت عقولكمو أقدمتم من القبائح على ما كان يمنعه منهعقولكم قال قتادة إن الرجل كان يقامر فيماله و أهله فيقمر و يبقى حزينا سليبافيكسبه ذلك العداوة و البغضاء «وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ» أييمنعكم عن الذكر لله بالتعظيم و الشكر علىآلائه «وَ عَنِ الصَّلاةِ» التي هي قوامدينكم «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ»صيغته الاستفهام و معناه النهي و إنما جازفي صيغة الاستفهام أن يكون على معنى النهيلأن الله ذم هذه الأفعال و أظهر قبحها وإذا ظهر قبح الفعل للمخاطب ثم استفهم عنتركه لم يسعه إلا الإقرار بالترك فكأنهقيل له أ تفعله بعد ما قد ظهر من قبحه ماظهر فصار المنتهي بقوله «فَهَلْ أَنْتُمْمُنْتَهُونَ» في محل من عقد عليه ذلكبإقراره و كان هذا أبلغ في باب النهي من أنيقال انتهوا و لا تشربوا.
وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُواالرَّسُولَ وَ احْذَرُوا فَإِنْتَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّماعَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ(92)
لما أمر الله تعالى باجتناب الخمر و مابعدها عقبه بالأمر بالطاعة له فيه و فيغيره فقال «وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» و الطاعة هيامتثال الأمر و الانتهاء عن المنهي عنه ولذلك يصح أن يكون الطاعة طاعة الاثنين بأنيوافق أمرهما و إرادتهما «وَ احْذَرُوا»هذا أمر منه تعالى بالحذر من المحارم والمناهي قال عطاء يريد و احذروا سخطي والحذر هو امتناع القادر من الشيء لما فيهمن الضرر «فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ» أي فإنأعرضتم و لم تعملوا بما آمركم به«فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَاالْبَلاغُ الْمُبِينُ» معناه الوعيد والتهديد كأنه قال فاعلموا أنكم قداستحققتم العقاب لتوليكم عما أدى رسولناإليكم من البلاغ المبين يعني الأداءالظاهر الواضح فوضع كلام موضع كلامللإيجاز و لو كان الكلام على صيغة من غيرهذا التقدير لا يصح لأن عليهم أن يعلمواذلك تولوا أو لم يتولوا و ما في قوله«أَنَّما» كافة لأن عن عملها.
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيماطَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُواوَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّاتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّالْمُحْسِنِينَ (93)