مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
الجاهلية و النقل عنها إلى شريعة الإسلامفقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواإِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ» مرمعناهما في سورة البقرة قال ابن عباس يريدبالخمر جميع الأشربة التي تسكر و قد قال رسول الله (ص) الخمر من تسع منالبتع و هو العسل و من العنب و من الزبيب ومن التمر و من الحنطة و من الذرة و منالشعير و السلت و قال في الميسر يريدالقمار و هو في أشياء كثيرة انتهى كلامه «وَ الْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ» ذكرناهما في أول السورة«رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ» لا بدمن أن يكون في الكلام حذف و المعنى شربالخمر و تناوله أو التصرف فيه و عبادةالأنصاب و الاستقسام بالأزلام رجس أي خبيثمن عمل الشيطان و إنما نسبها إلى الشيطان وهي أجسام من فعل الله لما يأمر به الشيطانفيها من الفساد فيأمر بشرب المسكر ليزيلالعقل و يأمر بالقمار ليستعمل فيه الأخلاقالدنية و يأمر بعبادة الأصنام لما فيها منالشرك بالله و يأمر بالأزلام لما فيها منضعف الرأي و الاتكال على الاتفاق و قال الباقر (ع) يدخل في الميسر اللعببالشطرنج و النرد و غير ذلك من أنواعالقمار حتى أن لعب الصبيان بالجوز منالقمار «فَاجْتَنِبُوهُ» أي كونوا على جانب منهأي في ناحية «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»معناه لكي تفوزوا بالثواب و في هذه الآيةدلالة على تحريم الخمر و هذه الأشياء منأربعة أوجه (أحدها) أنه سبحانه وصفهابالرجس و هو النجس و النجس محرم بلا خلاف (والثاني) أنه نسبها إلى عمل الشيطان و ذلكيوجب تحريمها (و الثالث) أنه أمر باجتنابهاو الأمر يقتضي الإيجاب (و الرابع) أنه جعلالفوز و الفلاح في اجتنابها و الهاء فيقوله «فَاجْتَنِبُوهُ» راجعة إلى عملالشيطان و تقديره فاجتنبوا عمل الشيطان وكل واحد من شرب الخمر و تعاطي القمار واتخاذ الأنصاب و الأزلام من عمل الشيطان ويجوز أن تكون الهاء عائدة إلى الرجس والرجس واقع على الخمر و ما ذكره بعدها و قدقرن الله تعالى الخمر بعبادة الأوثانتغليظا في تحريمها و لذلك قال الباقر (ع) مدمن الخمر كعابد الوثن و في هذا دلالة على تحريم سائر التصرفاتفي الخمر من الشرب و البيع و الشراء والاستعمال على جميع الوجوه ثم بين تعالىأنه إنما نهى عن الخمر لما يعلم في اجتنابهمن الصلاح و خير الدارين فقال «إِنَّمايُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَفِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ» قال ابنعباس يريد سعد بن أبي وقاص و رجلا منالأنصار كان مواخيا لسعد فدعاه إلى الطعامفأكلوا و شربوا نبيذا مسكرا فوقع بينالأنصاري و سعد مراء و مفاخرة فأخذالأنصاري لحي جمل فضرب به سعدا ففزر أنفهفأنزل