مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 3 -صفحه : 408/ 378
نمايش فراداده

ساءت و حزنت و ذلك نحو ما مضى ذكره منالرجل الذي سأل عن أبيه و أشباه ذلك منأمور الجاهلية و قيل أن تقديره لا تسألوهعن أشياء عفا الله عنها إن تبد لكم تسؤكمفقدم و أخر فعلى هذا يكون قوله «عَفَااللَّهُ عَنْها» صفة لأشياء أيضا و معناهكف الله عن ذكرها و لم يوجب فيها حكما وكلام الزجاج يدل على هذا لأنه قال أعلمالله إن السؤال عن مثل هذا الجنس لا ينبغيأن يقع فإنه إذا ظهر فيه الجواب ساء ذلك وخاصة في وقت سؤال النبي (ص) على جهة تبيينالآيات فنهى الله عز و جل عن ذلك و اعلم أنهقد عفا عنها و لا وجه لمسألة ما عفا اللهعنه و لعل فيه فضيحة على السائل إن ظهر وإلى هذا المعنى‏ أشار أمير المؤمنين (ع) في قوله إن اللهافترض عليكم فرائض فلا تضيعوها و حد لكمحدودا فلا تعتدوها و نهاكم عن أشياء فلاتنتهكوها و سكت لكم عن أشياء و لم يدعهانسيانا فلا تتكلفوها و قال مجاهد كان ابن عباس إذا سئل عنالشي‏ء لم يجي‏ء فيه أثر يقول هو من العفوثم يقرأ هذه الآية «وَ إِنْ تَسْئَلُواعَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُتُبْدَ لَكُمْ» معناه و إن ألححتم و سألتمعنها عند نزول القرآن أظهر لكم جوابها إذالم تقصدوا التعنت على النبي محمد (ص) فلاتتكلفوا السؤال عنها في الحال و قيل معناهو إن تسألوا عن أشياء حين ينزل القرآنتحتاجون إليها في الدين من بيان محمد (ص) ونحو ذلك تكشف لكم و هذه الأشياء غيرالأشياء الأولى إلا أنه قال «وَ إِنْتَسْئَلُوا عَنْها» لأنه كان قد سبق ذكرالأشياء و قيل إن الهاء راجعة إلى الأشياءالأولى فبين لهم أنكم إن سألتم عنها عندنزول القرآن في الوقت الذي يأتيه الملكبالقرآن يظهر لكم ما تسألون عنه في ذلكالوقت فلا تسألوه و دعوه مستورا ثم قال«عَفَا اللَّهُ عَنْها» أي عفا الله عنتبعة سؤالكم و يكون تقديره عفا الله عنمسألتكم التي سلفت منكم مما كرهه النبي (ص)«وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ» فلا تعودواإلى مثلها و هذا قول ابن عباس في رواية عطاو أما على ما ذكرنا من أن قوله «عَفَااللَّهُ» على التقديم فيكون تقدير الآيةلا تسألوا عن أشياء ترك الله ذكرها وبيانها لأنكم لا تحتاجون إليها في التكليفأن تظهر لكم تحزنكم و تغمكم و قال بعضهمأنها نزلت فيما سألت الأمم أنبياءها منالآيات و يؤيده الآية التي بعدها.

النظم‏

قيل في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه(أحدها) أنه تتصل بقوله «تُفْلِحُونَ» لأنمن الفلاح ترك السؤال عما لا يحتاج إليه (وثانيها) أنه تتصل بقوله «ما عَلَىالرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ» فإنه يبلغما فيه المصلحة فلا تسألوه عما لا يعنيكم(و ثالثها) أنها تتصل بقوله «وَ اللَّهُيَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ماتَكْتُمُونَ» أي لا تسألوه فيظهر سرائركم.