مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 3 -صفحه : 408/ 388
نمايش فراداده

و يقوي هذا القول تتابع الآثار في سورةالمائدة بقلة المنسوخ و أنها من محكمالقرآن و آخر ما نزل «إِنْ أَنْتُمْضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِفَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ» ومعناه فأصابكم الموت علم الله تعالى أن منالناس من يسافر فيصحبه في سفره أهل الكتابدون المسلمين و ينزل القرية التي لايسكنها غيرهم و يحضره الموت فلا يجد منيشهده من المسلمين فقال «أَوْ آخَرانِمِنْ غَيْرِكُمْ» أي من غير دينكم إن أنتمسافرتم فأصابتكم مصيبة الموت فالعدلان منالمسلمين للحضر و السفر إن أمكن إشهادهمافي السفر و الذميان في السفر خاصة إذا لميوجد غيرهما ثم قال «تَحْبِسُونَهُمامِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِبِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ» المعنى‏ تحبسونهما من بعد صلاة العصر لأن الناسكانوا يحلفون بالحجاز بعد صلاة العصرلاجتماع الناس و تكاثرهم في ذلك الوقت و هوالمروي عن أبي جعفر (ع) و قتادة و سعيد بن جبير و غيرهم و قيل هيصلاة الظهر أو العصر عن الحسن و قيل بعدصلاة أهل دينهما يعني الذميين عن ابن عباسو السدي و معنى تحبسونهما تقفونهما كماتقول مر بي فلان على فرس فحبس على دابته أيوقفه و قيل معناه تصبرونهما على اليمين وهو أن يحمل على اليمين و هو غير متبرع بهاإن ارتبتم في شهادتهما و شككتم و خشيتم أنيكونا قد غيرا أو بدلا أو كتما و خانا والخطاب في تحبسونهما للورثة و يجوز أنيكون خطابا للقضاة و يكون بمعنى الأمر أيفاحبسوهما ذكره ابن الأنباري و كان يقفعلى قوله «مُصِيبَةُ الْمَوْتِ» و يبتديبقوله «تَحْبِسُونَهُما» و يحتمل أن يكونأراد به وصي الميت إذا ارتاب بهما الورثة وادعوا أنهما استبدا بشي‏ء من التركةفيصيران مدعى عليهما فيحلفان بالله «لانَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً» أي لا نشتريبتحريف الشهادة ثمنا و التقدير لا نشتريبه ذا ثمن أ لا ترى أن الثمن لا يشتري وإنما يشتري المبيع دون ثمنه و قيل إن الهاءفي به يعود إلى القسم بالله و قيل معناه لانبيعه بعرض من الدنيا لأن من باع شيئا فقداشترى ثمنه و يريد لا نحابي في شهادتناأحدا «وَ لَوْ كانَ» المشهود له «ذاقُرْبى‏» خص ذا القربى بالذكر لميل الناسإلى أقربائهم و من يناسبونه «وَ لانَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ» أي شهادةلزمنا أداؤها بأمر الله تعالى «إِنَّاإِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ» أي إنا إنفعلنا ذلك كنا من الآثمين.