ذكر الأمة يقتضي تقارب أعمار أهل العصر ووجه آخر و هو أنه يقتضي إهلاكهم في الدنيابعد إقامة الحجة عليهم بإتيان الرسل و قالالجبائي المراد بالأجل هنا أجل العمر الذيهو مدة الحياة و هذا أقوى لأنه يعم جميعالأمم «فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لايَسْتَأْخِرُونَ» أي لا يتأخرون «ساعَةً»عن ذلك الوقت «وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ» أيلا يتقدمون ساعة على ذلك الوقت و قيل معناهلا يطلبون التأخر عن ذلك الوقت للإياس عنهو لا يطلبون التقدم عليه و معنى «جاءَأَجَلُهُمْ» قرب أجلهم كما يقال جاء الصيفإذا قارب وقته.
يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْرُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْآياتِي فَمَنِ اتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلاخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْيَحْزَنُونَ (35) وَ الَّذِينَ كَذَّبُوابِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْهاأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيهاخالِدُونَ (36)
«إِمَّا» أصله إن الجزاء دخلت عليه ما ولدخولها دخلت النون الثقيلة في«يَأْتِيَنَّكُمْ» و لو قال إن يأتينكم لميجز و قد شرحنا هذا في سورة البقرة و بيناهو قال سيبويه إن حتى و أما و إلا لا يجوزفيهن الإمالة لأن هذه الألفات ألزمت الفتحلأنها أواخر حروف جاءت لمعنى ففصل بينها وبين أواخر الأسماء التي فيها الألف نحوحبلى و هدى إلا أن حتى كتبت بالياء لأنهاعلى أربعة أحرف فأشبهت سكرى و أما التيللتخيير شبهت بأن التي ضمت إليها ما فكتبتبالألف و إلا كتبت بالألف لأنها لو كتبتبالياء لاشبهت إلى.
لما تقدم ذكر النعم الدنيوية عقبه بذكرالنعم الدينية «يا بَنِي آدَمَ» هو خطابيعم جميع المكلفين من بني آدم من جاءهالرسول منهم و من جاز أن يأتيه الرسولمعطوف على ما تقدم «إِمَّايَأْتِيَنَّكُمْ» أي إن يأتكم «رُسُلٌمِنْكُمْ» أي من جنسكم «يَقُصُّونَعَلَيْكُمْ آياتِي» أي يعرضونها عليكم ويخبرونكم بها «فَمَنِ اتَّقى» إنكارالرسل و الآيات «وَ أَصْلَحَ» عمله و قيلفمن اتقى المعاصي و اجتنبها و التقوى اسمجامع لذلك و تقديره فمن اتقى منكم و أصلح«فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» في الدنيا «وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» في الآخرة «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» أي حججنا«وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها» أي عن قبولها«أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ»