يكون المراد أنهم تمنوا ما لا سبيل إليهفكذب أملهم و تمنيهم و هذا مشهور في كلامالعرب يقولون كذبك أملك لمن تمنى ما لميدرك و قال الشاعر:
و قال آخر:
و المراد ما ذكرناه من الخيبة في الأمل والتمني فإن قيل كيف يجوز أن يتمنوا الردإلى الدنيا و قد علموا أنهم لا يردونفالجواب عنه من وجوه (أحدها) إنا لا نعلم أنأهل الآخرة يعرفون جميع أحكام الآخرة وإنما نقول إنهم يعرفون الله معرفة لايتخالجهم فيها الشك لما يشاهدونه منالآيات الملجئة لهم إلى المعارف و أماالتوجع و التمني للخلاص و الدعاء للفرجفيجوز أن يقع منهم ذلك عن البلخي (و ثانيها)أن التمني قد يجوز فيما يعلم أنه لا يكون ولهذا قد يقع التمني على أن لا يكون ما قدكان و أن لا يكون فعل ما قد فعله و تقضيوقته (و ثالثها) أنه لا مانع من أن يقع منهمالتمني للرد و لأن يكونوا من المؤمنين عنالزجاج و في الناس من جعل بعض الكلام تمنياو بعضه إخبارا و علق تكذيبهم بالخبر دونليتنا و هذا إنما ينساق في قراءة من رفع ولا نكذب و نكون على معنى فإنا لا نكذببآيات ربنا و نكون من المؤمنين فيكونون قدأخبروا بما علم الله أنهم فيه كاذبون و إنلم يعلموا من أنفسهم مثل ذلك فلهذا كذبهم وذكر أن أبا عمرو بن العلاء استدل علىقراءته بالرفع في الجميع بأن قوله «وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ» فيه دلالة علىأنهم أخبروا بذلك عن أنفسهم و لن يتمنوهلأن التمني لا يقع فيه الكذب.
وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَاالدُّنْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ(29) وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلىرَبِّهِمْ قالَ أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّقالُوا بَلى وَ رَبِّنا قالَ فَذُوقُواالْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)