إيجاب الجنة لهم وعد على الله حق لا شك فيهو تقديره وعدهم الله الجنة على نفسه وعداحقا أي صدقا واجبا لا خلف فيه «فِيالتَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ» و هذا يدل على أن أهل كل ملةأمروا بالقتال وعدوا عليه الجنة عن الزجاج«وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَاللَّهِ» معناه لا أحد أوفى بعهده من اللهلأنه يفي و لا يخلف بحال «فَاسْتَبْشِرُوابِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ»فافرحوا بهذه المبايعة حتى ترى آثارالسرور في وجوهكم بسبب هذه المبايعة لأنكمبعتم الشيء من مالكه و أخذتم ثمنه ولأنكم بعتم فانيا بباق و زائلا بدائم «وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» أي ذلكالشراء و البيع الظفر الكبير الذي لايقاربه شيء ثم وصف الله سبحانه المؤمنينالذين اشترى منهم الأنفس و الأموال بأوصاففقال «التَّائِبُونَ» أي الراجعون إلىطاعة الله و المنقطعون إليه النادمون علىما فعلوه من القبائح «الْعابِدُونَ» أيالذين يعبدون الله وحده و يتذللون لهبطاعته في أوامره و نواهيه و قيل هم الذينأخذوا من أبدانهم في ليلهم و نهارهمفعبدوا الله في السراء و الضراء عن الحسن وقتادة «الْحامِدُونَ» أي الذين يحمدونالله على كل حال عن الحسن و قيل همالشاكرون لنعم الله على وجه الإخلاص له«السَّائِحُونَ» أي الصائمون عن ابن عباسو ابن مسعود و الحسن و سعيد بن جبير و مجاهدو روي مرفوعا عن النبي (ص) أنه قال سياحةأمتي الصيام و قيل هم الذين يسيحون في الأرض فيعتبرونبعجائب الله تعالى و قيل هم طلبة العلميسيحون في الأرض لطلبه عن عكرمة«الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ» أيالمؤدون للصلاة المفروضة التي فيهاالركوع و السجود «الْآمِرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِالْمُنْكَرِ» أدخل الواو هنا لأن الأمربالمعروف يتضمن النهي عن المنكر فكأنهماشيء واحد و لأنه قرن النهي عن المنكربالأمر بالمعروف في أكثر المواضع فأدخلالواو ليدل على المقارنة «وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ» أي والقائمون بطاعة الله عن ابن عباس يعنيالذين يؤدون فرائض الله و أوامره ويجتنبون نواهيه لأن حدود الله أوامره ونواهيه و إنما أدخل الواو لأنه جاء و هوأقرب إلى المعطوف «وَ بَشِّرِالْمُؤْمِنِينَ» هذا أمر النبي (ص) أن يبشرالمصدقين بالله المعترفين بنبوته بالثوابالجزيل و المنزلة الرفيعة خاصة إذا جمعواهذه الأوصاف و قد روى أصحابنا أن هذه صفاتالأئمة المعصومين (ع) لأنه لا يكاد يجمعهذه الأوصاف على تمامها و كمالها غيرهم و لقي الزهري علي بن الحسين (ع) في طريق الحجفقال له تركت الجهاد و صعوبته و أقبلت إلىالحج و الله سبحانه يقول «إِنَّ اللَّهَاشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» الآيةفقال (ع) له أتم الآية الأخرى«التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ» إلى آخرهاثم قال إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهمفالجهاد معهم أفضل من الحج.