مجمع البیان فی تفسیر القرآن

الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسی

جلد 5 -صفحه : 415/ 202
نمايش فراداده

الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوابَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِيالْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْأَنْجَيْنا مِنْهُمْ و قال الزجاج«إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ» استثناء منقطع وتقديره لكن قوم يونس لما آمنوا و مثله قولالنابغة:

وقفت فيها أصيلا لا أسائلها *** عيت جوابا وما بالربع من أحد إلا أواري لأيا ما أبينها *** و النؤيكالحوض بالمظلومة الجلد و حكى الفراء في البيت لا أن ما أبينها وقال جمع الشاعر بين ثلاثة أحرف في النفي لاو إن و ما و قرأ بعضهم يونس و يوسف بكسرالنون و السين أراد أن يجعل الاسمينعربيين مشتقين من آسف و آنس و هو شاذ.

المعنى‏‏‏‏

لما ذكر سبحانه أن إيمان فرعون لم يقبلعند معاينة العذاب وصل ذلك بذكر إيمان قوميونس قبل نزول العذاب فقال «فَلَوْ لاكانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهاإِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ» قيل إنمعناه فهلا كان أهل قرية آمنوا في وقتينفعهم إيمانهم أعلم الله سبحانه أنالإيمان لا ينفع عند وقوع العذاب و لا عندحضور الموت الذي لا يشك فيه و لكن قوم يونسلما آمنوا كشفنا عنهم العذاب عن الزجاجقال و قوم يونس لم يقع بهم العذاب إنمارأوا الآية التي تدل على العذاب فمثلهممثل العليل الذي يتوب في مرضه و هو يرجوالعافية و يخاف الموت و قيل إن معناه لميكن فيما خلا أن يؤمن أهل قرية بأجمعهم حتىلا يشذ منهم أحد إلا قوم يونس فهلا كانتالقرى كلها هكذا عن الحسن و قيل معناه فماكانت قرية آمنت فنفعها إيمانها يريد بذلكلم يكن هذا معروفا لأمة من الأمم كفرت ثمآمنت عند نزول العذاب و كشف عنهم أي لمأفعل هذا بأمة قط إلا قوم يونس «لَمَّاآمَنُوا» عند نزول العذاب كشف عنهم العذاببعد ما تدلى عليهم و هو قوله «كَشَفْناعَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِالدُّنْيا» عن قتادة و ابن عباس و في روايةعطاء و قيل إنه أراد بقوله «فَلَوْ لاكانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ» قوم ثمود فإنهقد جاءهم العذاب يوما فيوما كما جاء قوميونس إلا أن قوم يونس استدركوا ذلكبالتوبة و أولئك لم يستدركوا فوصف أهلالقرية بأنهم سوى قوم يونس ليعرفهم به بعضالتعريف إذ