لما بين أن غيره لا ينفع و لا يضر عقبهببيان كونه قادرا على النفع و الضر «وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ» من صحة جسم ونعمة و خصب و نحوها «فَلا رَادَّلِفَضْلِهِ» أي لا يقدر على منعه أحد وتقديره و إن يردك خيرا و يجوز فيه التقديمو التأخير يقال فلان يريدك بالخير و يريدبك الخير «يُصِيبُ بِهِ» أي بالخير «مَنْيَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» فيعطيه على ماتقتضيه الحكمة و يعلمه من المصلحة «وَهُوَ الْغَفُورُ» لذنوب عباده«الرَّحِيمُ» بهم.
قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُالْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِاهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِيلِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّمايَضِلُّ عَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْبِوَكِيلٍ (108) وَ اتَّبِعْ ما يُوحىإِلَيْكَ وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَاللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (109)
ثم ختم الله سبحانه السورة بالموعظةالحسنة تسلية للنبي (ص) و الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين فقال عز اسمه «قُلْ» يامحمد مخاطبا للمكلفين «يا أَيُّهَاالنَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْرَبِّكُمْ» و هو القرآن و دين الإسلام والأدلة الدالة على صحته و قيل يريد بالحقالنبي (ص) و معجزاته الظاهرة «فَمَنِاهْتَدى» بذلك بأن نظر فيه و عرفه حقا وصوابا «فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ»معناه فإن منافع ذلك من الثواب و غيره يعودعليه «وَ مَنْ ضَلَّ» عنه و عدل عن تأمله والاستدلال به «فَإِنَّما يَضِلُّعَلَيْها» أي على نفسه لأنه يجني عليها«وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ» أي وما أنا بحفيظ لكم عن الهلاك إذا لم تنظرواأنتم لأنفسكم و لم تعلموا بما يخلصها كمايحفظ الوكيل مال غيره و المعنى أنه ليس عليإلا البلاغ و لا يلزمني أن أجعلكم مهتدين وإن أنجيكم من النار كما يجب على من وكل علىمتاع أن يحفظه من الضرر «وَ اتَّبِعْ مايُوحى إِلَيْكَ وَ اصْبِرْ» على أذىالكافرين و تكذيبهم «حَتَّى يَحْكُمَاللَّهُ» بينك و بينهم بإظهار دينه وإعلاء أمره «وَ هُوَ خَيْرُالْحاكِمِينَ» لأنه لا يحكم إلا بالعدل والصواب.