العتاب و هل كان هذا الأذن قبيحا أم لا قالالجبائي كان قبيحا و وقع صغيرا لأنه لايقال في المباح لم فعلته و هذا غير صحيحلأنه يجوز أن يقال فيما غيره أفضل منه لمفعلته كما يقول القائل لغيره إذا رآهيعاتب أخا له عاتبته و كلمته بما يشق عليهو إن كان يجوز له معاتبته بما يشق عليه وكيف يكون إذنه لهم قبيحا و قد قال سبحانهفي موضع آخر «فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَلِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْشِئْتَ مِنْهُمْ» و قيل معناه أدام اللهلك العفو لم أذنت لهؤلاء في الخروج لأنهماستأذنوا فيه تملقا و لو خرجوا لأرادواالخبال و الفساد و لم يعلم النبي (ص) ذلك منسريرتهم عن أبي مسلم «حَتَّى يَتَبَيَّنَلَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَالْكاذِبِينَ» أي حتى تعرف من له العذرمنهم في التخلف و من لا عذر له فيكون إذنكلمن أذنت له على علم قال ابن عباس و ذلك لأنرسول الله (ص) لم يكن يعرف المنافقين يومئذو قيل أنه (ع) إنما خيرهم بين الظعن والإقامة متوعدا لهم و لم يأذن فاغتنمالقوم ذلك و في هذا إخبار من الله سبحانهأنه كان الأولى أن يلزمهم الخروج معه حتىإذا لم يخرجوا أظهر نفاقهم لأنه متى أذنلهم ثم تأخروا لم يعلم أ لنفاق كان تأخرهمأم لغيره و كان الذين استأذنوه منافقين ومنهم جد بن قيس و معتب بن قشير و هما منالأنصار.
لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَيُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِالْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوابِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44)إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِالْآخِرِ وَ ارْتابَتْ قُلُوبُهُمْفَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45)
ثم بين سبحانه حال المؤمنين و المنافقينفي الاستئذان فقال «لا يَسْتَأْذِنُكَ»أي لا يطلب منك الإذن في القعود عن الجهادمعك بالمعاذير الفاسدة و قيل معناه لايستأذنك في الخروج لأنه مستغن عنه بدعائكإلى ذلك بل يتأهب له عن أبي مسلم«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوابِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ» والمعنى في أن يجاهدوا فحذف في فأفضى الفعل«وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ»قال ابن عباس هذا تعيير للمنافقين حيناستأذنوه في القعود عن الجهاد و عذرللمؤمنين في قوله «لَمْ يَذْهَبُواحَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ» و المعنى أنه لميخرجهم من صفة المتقين إلا لأنه علم أنهمليسوا منهم «إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ»